هل تملأ القوة المشتركة للحركات المسلحة الفراغ الأمني بدارفور؟
على الرغم من المواجهة المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، تعمل القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح في دارفور بجهود كبيرة لسد الفراغ الأمني في المنطقة. وفقًا لتفويضها، تعمل هذه القوات على حماية ممتلكات المواطنين في الأسواق وتأمين خطوط المساعدات الإنسانية والقوافل التجارية القادمة من بورتسودان إلى دارفور.
وبعد التنسيق المشترك بين قادة مشروع دارفور المسلح والذين وقعوا على اتفاق جوبا للسلام، تم تشكيل تلك القوات برعاية حاكم الإقليم، مني ماركو مناوي، وتتألف تلك القوات من خمسة مكونات لحركات المقاومة المسلحة في دارفور، وهي: “جيش تحرير السودان” برئاسة مني أركو مناوي، و”حركة العدل والمساواة السودانية” برئاسة جبريل إبراهيم، و”تجمع قوى تحرير السودان” برئاسة الطاهر حجر، بالإضافة إلى حركة “جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي” بقيادة الهادي إدريس، و”التحالف السوداني” برئاسة خميس أبكر.
وفي وقت سابق، أعلن حاكم الإقليم مناوي أنه قرر نشر القوات المشتركة لضمان أمان الأسواق وأملاك المواطنين في مركز مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور. لم يتطرق إلى الولايات الأخرى، وأوضح أن عملية النشر جاءت ردًا على الاعتداء على الممتلكات من قبل الهاربين من العدالة. وأكد أن هذه القوات ستعمل مع الجميع لتوفير الحماية للمواطنين وأملاكهم، فضلًا عن تأمين حركة القوافل التجارية من دارفور وإليها.
محدودية الإمكانات
على الرغم من قلة الموارد المتاحة ، إلا أن نجاح هذه القوات وانتشارها في دارفور، وفقًا لمحللين وعسكريين، يعتمد على مدى توفير الموارد العسكرية واللوجستية.
قال رئيس اللجنة الإعلامية للقوة المشتركة، الرائد أحمد حسين مصطفى الدروب، في هذا البيان، إنها القوات تعمل بقدرات محدودة ذاتية من دون أي دعم من أي جهة، وأشار إلى أن هذا هو السبب الرئيسي الذي يعيق انتشارها في بقية ولايات الإقليم.
في مقابلته لقناة الجزيرة، أشار الدروب إلى غياب مؤسسات الدولة خلال فترة الحرب، مما أدى إلى تسبب فراغ أمني كبير، ولم يتم تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية المتعلقة بنشر قوة حفظ الأمن وحماية المدنيين، وكان هذا أحد العوامل التي أدت إلى تشكيل هذه القوات.
ومع ذلك، عاد وأكد أن هناك العديد من الإنجازات التي تحققت بعد إعلان تشكيلها، بما في ذلك ضمان أمن الأسواق وحركة القوافل، بالإضافة إلى وجود خطة للتوسع حسب الحاجة، وحماية الموسم الزراعي من أي أعمال عنف يمكن أن تقوم بها جماعات مسلحة غير متحكم فيها.
منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الحركات المسلحة المشاركة في اتفاق سلام جوبا مسار دارفور تمسكها بالحياد في الصراع، وأكدت أنها ستعمل على حماية المدنيين في الإقليم بدون التحيز لأيٍّ من الجانبين المتحاربين.
تم بسرعة نفع الاقتتال في المنطقة تحولًا قبليًا بين الأطراف المتصارعة، وهو ما حدث في جنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، بعد تحول الصراع المسلح بين الجيش والميليشيا السريعة إلى قتال عنيف بين قبيلة المساليت والقبائل العربية، بالإضافة إلى ما حدث في مناطق “كبم” و”أم لباسة” في ولاية جنوب دارفور من قتال عنيف بين قبيلتي السلامات وبني علبة، مما أسفر عن وفاة وجرح العديد من الأشخاص وتشريد عدد كبير من المواطنين.
مخاوف النزاع القبلي
فيما يخص هذا الأمر، صرح الباحث الاجتماعي محمد سليمان أن توسع دائرة العنف القبلي وانتشار خطاب الكراهية يشكلون واحدة من أكبر التهديدات في المنطقة، مشدداً على أن عملية انتشار هذه القوى في جميع ولايات دارفور لن تكون سهلة نظراً لقوتها اللوجستية المحدودة.
وأشار سليمان إلى الجهود المبذولة لحماية وتأمين حركة القوافل التجارية وأسواق مدينة الفاشر، مؤكداً على ضرورة بذل مزيد من الجهد لسد الفراغ في باقي الولايات.
أكد هذا التقرير أن القوات المعنية حققت نجاحًا كبيرًا خلال فترة تجربتها القصيرة، ومع ذلك، فهي بحاجة إلى دعم من الحكومة والجهات الراعية لاتفاقية جوبا لكي تتمكن من توسيع نطاق تواجدها وتوزعها، خاصة في المناطق التي تعاني من هشاشة أمنية، على حد قوله.
أشارت منصة القوة المشتركة على موقع “فيسبوك” إلى إنجازات هذه القوات المحققة، وأعلنت أنها تمكنت مؤخرًا من تأمين قافلة تضم عددًا من المهاجرين الليبيين من الفاشر إلى الحدود الليبية عبر الصحراء الكبرى في رحلة استغرقت أسبوعًا. كما تمكنت أيضًا من تأمين وصول حجاج بيت الله الحرام، ومواد الوقود، وقوافل التجارة من دارفور إلى النهود في شمال كردفان.
وبخصوص تأثير تأخير انتشار تلك القوات في باقي ولايات دارفور، أفاد المحلل السياسي الأمين إسحاق بأن نجاح تلك القوات يكون معتمدًا بشكل أساسي على توفير الدعم الضروري، حيث تقوم بعملها بالاعتماد على التطوع والقدرات الذاتية.
في مقابلته مع الجزيرة نت، قال إسحاق أن القوات بحاجة إلى تدريب وتأهيل إضافي لتمكينها من أداء مهام الحماية، وأوضح أن القوات تتعاون بشكل جيد مع كل الأطراف، وأن المجتمع الدارفوري يستجيب لها بشكل إيجابي، وبفضل جهودها، استعادت الحياة طبيعتها في العديد من المناطق، خاصة في مدينة الفاشر وبعض المناطق الأخرى حيث تعمل على حل العديد من المشكلات.