نساء يروين كيف تلجأ قوات الدعم السريع للاغتصاب “كسلاح للترهيب”
كعادتها، خرجت كلثوم، ربة بيت، من سكنها في أحد أحياء مدينة الجنينة للبحث عن حطب الوقود خارج نطاق الحي السكني، غير أن مشوارها تحول إلى جحيم كما تقول، إذ اعترض طريقها أربعة من عناصر قوات الدعم السريع الذين ينتشرون في المنطقة، واقتادوها تحت تهديد السلاح تحت إحدى الأشجار وبدأوا في اغتصابها بالتناوب.
تقول كلثوم، بصوت يعتصره الألم والخوف، إنها عاشت لحظات قاسية للغاية: “كان يوما عصيبا بالنسبة لي .. كثيرا ما سمعت من النساء عن قصص الاغتصاب التي يروينها لكنني لم أكن أتوقع يوما أن أكون أنا الضحية!”.وتابعت وهي تغالب دموعها: “كانوا وحشيين للغاية، تناوبوا على اغتصابي تحت الشجرة التي جئت لأخذ حطب منها .. أسمعوني كلمات نابية وعنصرية، وطلبوا مني مغادرة المدينة لأنها تابعة للعرب”.
تحدثني كلثوم من خارج مدينتها بعد أن اضطرت للهرب منها مع أسرتها المكونة من خمسة أطفال وزوج مريض.
وتقول إنها تتلقى الرعاية الصحية في مركز متواضع في المكان الذي تقيم فيه ولكنها تؤكد أنها لن تنسى ما حدث لها وستظل ما وصفتها بوصمة العار تلاحقها مثل ظلها.
“العشرات تعرضن للاغتصاب منذ بدء الاشتباكات”خلال الحرب المستمرة حاليا بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في مدن العاصمة الخرطوم برز اسم قوات الدعم السريع مرة أخرى مقرونا بارتكاب عمليات اغتصاب واعتداء جنسي.
وأكدت منظمات حقوقية دولية وإقليمية ومحلية ضلوع عناصر من قوات الدعم السريع في عمليات اغتصاب وعنف جنسي في مناطق سيطرتها.
وفي هذا الصدد، أكد فولكر ترك مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 50 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الجنسي والاغتصاب، وأضاف خلال إحاطة لمجلس حقوق الإنسان في يونيو الماضي أن ” الجناة في جميع الحالات تقريبا كانوا من قوات الدعم السريع”.
وقالت الأمم المتحدة إن “الاغتصاب يستخدم كأسلوب لإرهاب الناس خلال الحرب”.
وفي مطلع شهر يوليو أكدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل السودانية أن عدد النساء اللائي تعرضن للاغتصاب وصل إلى نحو 90، معظمهن في الخرطوم والجنينة ونيالا. وقالت في بيان إن معظم إفادات الضحايا والبلاغات الجنائية كانت ضد قوات الدعم السريع.
تمكنت بعد تقصٍ وبحث مطول استمر لعدة أيام من الوصول إلى ثلاث من الضحايا اللائي تعرضن للاغتصاب من قبل قوات الدعم السريع في مدن العاصمة الثلاث بحري والخرطوم وأمدرمان.
في البداية وجدت صعوبات كبيرة في إقناعهن بالتحدث عما تعرضن له، في ظل الظروف النفسية والاجتماعية الصعبة التي يعشن فيها.
واتفقت معهن على استخدام أسماء وهمية عند سرد تفاصيل ما حدث لهن.تقول ابتسام، التي تعيش في مدينة الثورة بأمدرمان والبالغة من العمر 24 عاما، إنها قبل ثلاثة أسابيع من وقت الحديث معها خرجت من المنزل للذهاب إلى منزل خالتها في الجوار.وعند وصولها الشارع المقابل أوقفها ثلاثة عناصر من قوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على المنطقة.وقالت ابتسام بصوت متهدج ومرتجف “أوقفوني تحت تهديد السلاح وسألوني عن وجهتي. فقلت لهم أنا في طريقي لمنزل خالتي..فقالوا لي أنت تتبعين لاستخبارات الجيش.. فانكرت ذلك .. وطلبوا مني مرافقتهم في سيارتهم”.وأضافت تقول “حاولت الصراخ والهرب لكنهم كانوا أقوياء وهددوني بالسلاح وأجبروني على الدخول في أحد المنازل”.
وتوقفت ابتسام عن الكلام في هذه النقطة لفترة طويلة من الزمن قبل أن تستأنف حديثها “في المنزل كان هنالك شخص آخر يرتدي ملابس داخلية فقط.. حاولت الهرب مرة أخرى ولكن أحدهم ضربني بقوة حتى سقطت على الأرض وهددوني بالقتل إن تحركت أوصرخت مرة أخرى”.سكتت مرة ثانية لفترة أطول مع سماعي لصوت نحيبها ” تناوبوا علي الثلاثة لأكثر من مرة، ثم اقتادوني إلى السيارة قبل أن يلقوني في قارعة الطريق مع مغيب الشمس”.
ومضت تقول “شعرت بالقهر والخوف وبرغبة في الموت مما حدث لي ..أحسست بقهر شديد ورغبة في الانتحار لكني تماسكت وذهبت للمنزل ولم أخبر أحدا “.”بعدها تواصلت مع صديقاتي لأحكي ما حدث لكني لم أستطع .. كتبت لي إحدى صديقاتي التي تعمل طبيبة وقالت لي إنها لن تتمكن من الوصول إلي بسبب الوضع الأمني و لا يوجد مستشفى يمكن أن أتعالج فيه، لكنها نصحتني باتباع نصائح طبية حتى أتجنب الحمل”.” أشعر بالقهر”أما ابتسام التي تعيش في مدينة الخرطوم فتقول إن قوة مكونة من ثلاثة عناصر من قوات الدعم السريع اقتحمت منزلهم في حوالي الساعة الخامسة عصرا : “كانوا مسلحين وكنت وحيدة، خرج شقيقي لتفقد الجيران والبحث عن شيء نأكله.. وعندما رأيتهم صرخت، وحاولت الهرب، إلا أن واحدا منهم أغلق الباب، ووجهوا لي أسلحتهم وطالبوني بالسكوت”.
سكتتْ برهة لتكمل بصوت مخنوق: “أخذني أحدهم بالقوة إلى إحدى الغرف وطلب مني أن أستلقي على السرير، وعندما رفضت ضربني بقوة ثم هاجمني”عند هذه النقطة توقفت عن الكلام لفترة أطول قبل أن تستطرد قائلة “اغتصبني بقوة، وقبل أن أفيق من هول الصدمة جاء رفيقاه وفعلا الشيء نفسه .. وأنا أشعر بالقهر والرعب وليست لي قدرة على فعل شيء “.وتضيف: “انسحبوا من المنزل بعد أن نهبوا الذهب والمتعلقات الثمينة.. حاليا أتلقى الرعاية الطبية عن طريق مجموعة نسوية متخصصة، لكنني ما زلت أشعر بالقهر وأتمنى لو لم أكن موجودة في هذه الدنيا.