“هنا ستموت”: تقرير الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع في مراكز التعذيب والمقابر الجماعية
يكشف الصحفي مارك تاونسند كبير مراسلي التنمية العالمية في صحيفة الغارديان في تقرير نشرته الغارديان عن تفاصيل مروعة حول مركز تعذيب تديره مليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، حيث تعرض المعتقلون لانتهاكات وحشية تضمنت التعذيب الوحشي، الإعدامات الميدانية، والتجويع الممنهج. في منشأة عسكرية نائية بولاية الخرطوم، تم العثور على فراش مغطى بالدماء بجوار مئات القبور غير المميزة، مع اسم “محمد آدم” مكتوب عليه. لم يتم التحقق من هويته، لكن قصته تعكس واقع آلاف المختفين قسريًا في السودان. وعُثر داخل مركز التعذيب على دفتر يضم أسماء 34 معتقلاً، بعضها كان مشطوبًا، مما يشير إلى مصير مجهول لضحاياه. أفاد الناجون بأنهم تعرضوا للضرب المتكرر بعصي خشبية، بينما قُتل آخرون برصاص مباشر من مسافة قريبة. كانت الغرف التي احتُجزوا فيها ضيقة إلى حد مرعب، حيث لم يتمكنوا سوى من الجلوس بركب مثنية تحت ذقونهم. كما تحولت إحدى الزوايا إلى مرحاض تنبعث منه روائح لا تُحتمل، في ظل غياب أدنى مقومات الحياة. تغطي الكتابات الجدران، بعضها توسلات للرحمة، فيما ظهرت عبارة واحدة تعكس قسوة المصير: “هنا ستموت”. التعذيب لم يكن الوسيلة الوحيدة لإنهاء حياة المحتجزين، إذ أُخضعوا لتجويع ممنهج أودى بحياة العديد منهم. بحسب شهادة الدكتور هشام الشيخ من قاعدة عسكرية في مدينة شندي، كان المعتقلون يحصلون على كوب صغير من حساء العدس يوميًا، وهو ما يعادل 10% فقط من السعرات الحرارية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، مما تسبب في هزال أجسادهم السريع وصولًا إلى الموت البطيء. داخل مركز التعذيب، واجه المعتقلون إساءات عنصرية متكررة. سخر منهم الحراس ووصفوهم بأنهم ينتمون إلى “دولة 56″، في إشارة إلى السودان بعد استقلاله، وأخبروهم بأن مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) تهدف إلى تدمير السودان كدولة. وازدادت المأساة مع حقيقة أن جميع المعتقلين تقريبًا تم احتجازهم لأسباب تعسفية، إذ أفادت التقارير بأن الكثيرين اعتُقلوا بعد محاولتهم منع عناصر الدعم السريع (الجنجويد) من نهب منازلهم، بينما تم اعتقال آخرين لمجرد رفضهم تسليم هواتفهم الذكية. لم يكن مركز التعذيب هذا سوى جزء من شبكة واسعة تديرها مليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، حيث عثرت القوات المسلحة السودانية على مراكز أخرى مماثلة في جنوب الخرطوم، من بينها موقع تعذيب كان من بين ضحاياه مصريون قُتلوا تحت التعذيب. في سياق آخر، تكشف الأدلة عن صلات وثيقة بين مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) وتجارة المخدرات، إذ تم العثور على مصنع ضخم لإنتاج الكبتاغون على بعد ثمانية كيلومترات من مركز التعذيب. وفقًا للتقرير، فإن هذا المصنع قادر على إنتاج 100,000 حبة في الساعة، ويؤكد الخبراء أن هذا العقار يُستخدم محليًا بين المقاتلين ويُهرب إلى الخارج، مما يعيد إلى الأذهان نموذج نظام بشار الأسد في سوريا، الذي حول بلاده إلى أكبر دولة مصدرة للمخدرات في العالم. وسط تصاعد المعارك في الخرطوم، وتحقيق القوات المسلحة السودانية تقدمًا ضد مليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، تتزايد المطالبات بالتحقيق في هذه الجرائم. منظمة هيومن رايتس ووتش دعت إلى وصول غير مقيد للمراقبين الدوليين، بما في ذلك الأمم المتحدة، لجمع الأدلة وتحديد هويات الضحايا المدفونين في القبور الجماعية. مع كل كشف جديد، تتضح فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) أكثر فأكثر، مما يزيد من أهمية توثيق هذه الجرائم وتحقيق العدالة.