ميديا بارت الفرنسية: هكذا أصبح حميدتي مُحبوب الغرب والفتى المدلل لهم.
تقول “ميديا بارت” الموقع الفرنسي إنه تمكن حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، من ان يكون شخصية رئيسية في الساحة السياسية في السودان حتى قبل الحرب. يشدد الموقع على أنه تمكن من إقناع الغرب بأنه رجل دولة وشخص مهم لا يمكن تجاهله.
أضاف الموقع أنه لا أحد في ديمقراطيات الغرب يستطيع الفخر علناً بإقامة علاقات طيبة مع حميدتي، ومع ذلك، يعتبرونه طاغية بشدة ويستمرون في استقبال مبعوثيه سراً في السفارات الأوروبية.
وقد أورد الموقع مثالًا على ذلك بإشارة إلى المحامي يوسف عزت المهري، الذي يحمل الجنسية الكندية، حيث قام بزيارة وزارة الخارجية الفرنسية وكذلك لندن وهولندا بمقامه كمستشار لحميدتي.
ووفقًا لميديا بارت، يستمر حميدتي في إصراره على تعريف نفسه بأنه مُدافع عن حقوق شعب السودان، وحاجز صلب ضد المتشددين الإسلاميين في نظام الرئيس السابق عمر البشير.
لقاء غريب
تذكر الموقع بعقد اجتماع غريب في البرلمان الأوروبي بعنوان “تعزيز السلام والأمن في السودان”، والذي نظمه أعضاء البرلمان الإيطالي بعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب. وتم عقد الاجتماع عبر الفيديو للتواصل مع “المدافعين السودانيين عن حقوق الإنسان”. ورغم ذلك، تركز الحاضرون فقط على انتهاكات التي ادعوا أن الجيش النظامي ارتكبتها، ولم يتطرقوا إلى أي من الانتهاكات التي تنفذها قوات الدعم السريع.
وبدأت عملية “العلاقات العامة” هذه -طبقاً للموقع- لا بعد الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي، بل قبل ذلك بكثير، وتسعى الآن لتصوير زعيم الحرب كرئيس للدولة.
وحتى يتم توضيح ذلك، أشارت وسائل الإعلام إلى أن المهري قد ذكر في مقابلة هاتفية سابقة أنهم ملتزمون بتشكيل حكومة مدنية وببناء جيش وطني يمثل جميع السودانيين ولا يتحكم فيه الإسلاميون. كما قاموا بفتح خطوط اتصال مع المدنيين وفولكر.
فولكر بيرتيس، هو الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة الدعم في عملية الانتقال الديمقراطي. وتولى مسؤولية تسهيل وتنسيق عملية التحول الديمقراطي بعد الثورة التي وقعت في عام 2019.
رفض قادة الجيش السوداني بشكل مباشر استمرار فولكر في منصبه بسبب اتهامه بالانحياز وتجاهله تنفيذ التفويض الذي حصلت عليه البعثة، وتفضيله التركيز على القضايا السياسية وتجاهله للمسائل المتعلقة بدعم السلام والمساعدة في الانتقال والتحضير للانتخابات.
تحول مثير
إلا أن الشيء المذهل وفقًا لـ ميديا بارت هو التحول المدهش الذي حدث في مسار حميدتي، حيث يظهر الجميع في الساحة الدبلوماسية وكأنهم يؤمنون به، الأمر الذي يبدو أن البعض مقتنع به.
ووفقًا للموقع الفرنسي، يظهر أن حميدتي يجيد “فن التغيير”، و “لديه القدرة على احاطة نفسه بمستشارين في مجال العلاقات العامة ونجح في إقناع المستشارين الغربيين بأنه ضروري لأي تسوية سياسية.”
وفيما نقلت المحللة السياسية السودانية خلود خير عن حميدتي، عبّرت عن اعتقادها بأنه “يتمتع بالقدرة على فهم ما يطمح إليه المجتمع الدولي، حيث يسعى للتظاهر بداعم للديمقراطية”. وبناءً على رغبة الدول الأوروبية في فرض منع للمهاجرين من عبور الحدود السودانية إلى ليبيا، قد كلّف حميدتي قواته رسميًا – قبل فترة طويلة – بالمسؤولية الكاملة عن مراقبة الحدود.
يقول جيروم توبيانا، مستشار “أطباء بلا حدود” المتخصص في قضايا الهجرة واللاجئين، أن ما يميز حميدتي هو إعلانه لنفسه كسيد الهجرة في الفترة بين 2016 و 2019، وبالطبع الاتحاد الأوروبي لم يتجاهل هذا الأمر.
في سبيل تحسين سمعته، اعترف حميدتي منذ صيف عام 2022 بفشل الانقلاب في تحقيق التغيير المرجو وبالآن نحن نتجه نحو الأسوأ. وبالنسبة لعودة الجنود إلى ثكناتهم دون إغلاق الباب أمام مستقبل سياسي، أضاف قائلاً “ليست لدي طموحات سياسية، ولكن تطور الوضع اضطرني لأن أكون حاضراً”.
رجل الدولة
ووضح تقرير ميديا بارت أن الرجل قد نسى ماضيه وتحول إلى رجل أعمال غني جدا، ولكنه لم يكتف بهذا الحد، بل أصبح طموحا أكثر وأكثر، حيث أصبحت السفارات الغربية منجذبة له بسبب دبلوماسيته وشغفه المزدوج بموضوع الهجرة والمسلمين.
قد رأوا فيها الخط السياسي الواقعي، وبالفعل يعتبرون واشنطن “شخصية أكثر موهبة وقدرة من اللواء البرهان”، كما ورد في وثيقة دبلوماسية تمكنت ميديا بارت من الوصول إليها.
وأشار الموقع إلى أن فرنسا أيضًا تجري محادثات مع حميدتي وأعوانه. وتمت مراجعة الوثيقة التي تصف لقاءً “وديا” بين دبلوماسيين فرنسيين وعبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي. وتحدث عن الدور الرئيسي الذي قامت به قوات الدعم السريع في مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب والمخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر. وأعرب عن أسفه لعدم تقدير المجتمع الدولي لهذه الجهود وعدم دعمها.
على الرغم من جميع الاتهامات، حصل حميدتي على مكانة مرموقة كمحور وأعوانه بفضل الثروة التي أنفقها على اتصالاته، حتى أنه حاول إقامة وحدة خاصة للدفاع عن حقوق الإنسان.
واستمر حميدتي في جهوده لتصوير صورة إيجابية، حتى كتب الصحفي رينو جيرار من صحيفة “لوفيغارو” مقالًا بعنوان “لا تهملوا السودانيين”، وفيه اختتم بأن حميدتي أكد للمجتمع الدولي رغبته في محاكمة البرهان لمواجهة التطرف الإسلامي وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون في السودان.
وأدلى جيرار بتصريح قائلاً “يتواصل الأميركيون مع حميدتي، وهذا صحيح، لأن الأهم هو عدم ترك شعب السودان للقدر الذي سيحدث لهم”.
وأكدت وسائل الإعلام أن مشروع حميدتي القائم على احترام “الاسم والهدف” فشل في النهاية بسبب الصراع الذي ساعده في إشعاله، وعلم أن العديد من المؤيدين للبشير والدول الغربية والقوى الإقليمية هم من سهم في ترسيخ فكرة أن هذا الرجل يعتبر نفسه رجل دولة قادر على السعي للسلطة.