إنتهاكات

ميليشيا الدعم السريع تهاجم الأبيض وتتمدّد في دارفور… إجرام الإمارات يتواصل عبر وكلائها في السودان

    تشهد الساحة السودانية تصعيدًا ميدانيًا خطيرًا مع إعلان ميليشيا الدعم السريع سيطرتها على منطقتين جديدتين في ولاية شمال دارفور، بالتوازي مع استهدافها مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، بطائرات مسيّرة. 

    ويأتي هذا التطور في سياق توسّع عسكري متسارع للميليشيا في إقليمي دارفور وكردفان، وسط اتهامات متجددة بدعم إقليمي غير مباشر، تقف في مقدمته دولة الإمارات، ما يفاقم الكارثة الإنسانية ويغذّي حربًا مفتوحة بلا أفق سياسي في السودان.

    تمدّد بالقوة في شمال دارفور

    أعلنت ميليشيا الدعم السريع، في بيان، سيطرتها على منطقتي “أبو قمرة” و“أمبرو” شمالي دارفور، بعد اقتحامهما بعشرات المركبات القتالية. ووفق مصادر محلية، كانت المنطقتان خاضعتين لسيطرة الجيش السوداني والقوة المشتركة للحركات المسلحة، قبل أن تفرض الميليشيا سيطرتها بالقوة المسلحة. ويعكس هذا التقدم سعيًا واضحًا لإحكام القبضة على شمال دارفور وفتح خطوط إمداد جديدة، بما يعزز قدرة الميليشيا على الحركة والمناورة في مواجهة الجيش.

    الأبيض في مرمى الهجمات

    بالتوازي مع ذلك، استهدفت طائرة مسيّرة تابعة لميليشيا الدعم السريع مواقع عسكرية داخل مدينة الأبيض، في تصعيد لافت ينقل المعركة إلى عمق إقليم كردفان. ورغم عدم إعلان حجم الخسائر، فإن دلالة الهجوم تتجاوز نتائجه المباشرة، إذ تكشف عن امتلاك الميليشيا أدوات حرب متقدمة، وقدرتها على تهديد مدن استراتيجية تشكل عقدة وصل بين غرب البلاد ووسطها.

    خسارة عسكرية ومعنوية

    وفي تطور ذي دلالة، أكد مصدر عسكري سوداني مقتل قائد الفرقة 22 في بابنوسة، اللواء معاوية حمد، بعد أسابيع من الغموض حول مصيره عقب سيطرة الميليشيا على المدينة مطلع الشهر الجاري. وتمثل هذه الخسارة ضربة معنوية للجيش السوداني في غرب كردفان، وتؤكد كلفة التمدّد العنيف الذي تفرضه الميليشيا عبر الهجمات المفاجئة واستخدام المسيّرات.

    سجل دموي يتكرر

    لا ينفصل هذا التصعيد عن سجل طويل من الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في دارفور، خصوصًا عقب سيطرتها على مدينة الفاشر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي العملية التي رافقتها اتهامات بارتكاب مجازر بحق المدنيين. ورغم إقرار قائد الميليشيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) بوقوع “تجاوزات” وإعلانه تشكيل لجان تحقيق، فإن الوقائع الميدانية وتقارير المنظمات الحقوقية تؤكد نمطًا متكررًا من العنف المنهجي، ما يبدّد أي حديث عن محاسبة حقيقية.

    خريطة سيطرة معقدة

    ميدانيًا، ما تزال خريطة السيطرة في شمال دارفور شديدة التعقيد؛ إذ يحتفظ الجيش السوداني والقوة المشتركة بمناطق مثل “كرنوي” و“الطينة”، بينما تسيطر حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور على منطقة “طويلة”. ويؤدي هذا التشظّي العسكري إلى جعل المدنيين عالقين بين خطوط النار، في ظل غياب أي ضمانات للحماية.

    نزوح متصاعد بلا نهاية

    إنسانيًا، تتفاقم موجات النزوح مع توسّع رقعة المعارك. فقد وصل مئات النازحين من كادوقلي والدلنج إلى مدن ومناطق أخرى في كردفان، وسط مخاوف من عرقلة تحركاتهم. كما أعلنت منظمة الهجرة الدولية نزوح أكثر من 2600 شخص من ولايتي جنوب وشمال كردفان خلال يومين فقط بسبب “انعدام الأمن”. وفي مفارقة قاسية، بينما تُنظَّم عودة محدودة لنازحين إلى الخرطوم، تفرض الحرب نزوحًا جديدًا في اتجاه معاكس، في حلقة مأساوية مفتوحة.

    الإمارات ودور الوكلاء

    في خلفية هذا المشهد، تتجدد الاتهامات بشأن دور الإمارات العربية المتحدة في تغذية الصراع السوداني عبر دعم وكلاء محليين. فالدعم السياسي واللوجستي غير المباشر، وشبكات التمويل والإمداد المرتبطة باقتصاد الحرب، أسهمت –وفق تقارير وتحقيقات متعددة– في إطالة أمد النزاع وتعقيد مسارات الحل. ويُنظر إلى تمدّد ميليشيا الدعم السريع باعتباره أحد نتائج هذا الدور الإقليمي المثير للجدل.

    حرب بلا رابح

    بعد أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني و**قوات الدعم السريع**، قُتل عشرات الآلاف ونزح نحو 13 مليون شخص وفق تقديرات أممية. ومع كل تقدّم جديد للميليشيا، تتقلّص فرص السلام، وتتعمّق المأساة الإنسانية. ويبدو أن وقف هذا الانحدار لن يتحقق دون مساءلة إقليمية حقيقية، وتجفيف مصادر الدعم الخارجي، ووضع حماية المدنيين في صدارة أي تحرّك دولي، قبل أن تتحول الأبيض ودارفور وكردفان إلى ساحات مفتوحة لحرب لا تنتهي.

    Related Posts

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى