وفقًا لتقرير بعنوان “الناجون يروون فظائع هجوم مليشيا الدعم السريع على معسكر زمزم ، حيث تعرض ط في دارفور لهجوم عنيف من قبل مليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، مما أجبر آلاف العائلات على الفرار تحت وابل القصف وأصوات الرصاص، وسط ظروف قاسية من الجوع والعزلة الإنسانية.
“كانت القنابل تسقط على المنازل، وكانت الجثث مبعثرة في الشوارع. لم يكن هناك أي خيار سوى الفرار”، قال أحد الناجين، وهو طالب أدب يبلغ من العمر 22 عامًا، واصفًا اللحظات الأولى للهجوم الذي حول الشوارع إلى ساحات قتل. لم يكن أمام العائلات سوى الهروب، رغم المخاطر التي كانت تنتظرهم في الطريق.
سارة، إحدى الناجيات، روت كيف اضطرت عائلتها المكونة من 10 أفراد إلى الفرار تحت جنح الظلام، قائلة: “في منتصف الليل، أخذنا الأطفال والجدات وبدأنا السير.” لم تكن لديهم وجهة محددة، لكنهم كانوا يعلمون أن البقاء في زمزم يعني مواجهة الموت المحتم. استغرق الأمر ثلاثة أيام من الرعب للوصول إلى بلدة طويلة، الواقعة على بعد 60 كيلومترًا غرب زمزم. كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر، حيث تعرض النازحون لهجمات متكررة. تضيف سارة بحزن: “كان الناس يتعرضون للسرقة والهجوم على الطريق. قُتل شاب هناك.”
خلال القصف العنيف، لم يتمكن الجرحى من الفرار، واضطر البعض إلى البقاء في ساحة المعركة. آدم عيسى، أحد سكان زمزم، تحدث عن اللحظات الصعبة التي واجهها أثناء فراره من منزله المحترق: “اضطررنا لترك بعض الجرحى على الأرض.” لم يكن هناك خيار آخر، حيث كان الخطر يحيط بهم من كل جانب.
لكن حتى الهروب لم يكن نهاية المأساة، فالناجون واجهوا رحلة طويلة مليئة بالخوف والمعاناة، مقبولة محمد، إحدى الناجيات، وصفت المعاملة القاسية التي تعرضوا لها أثناء طريقهم إلى طويلة، حيث تم إيقافهم في خمس نقاط تفتيش مختلفة من قبل مقاتلي مليشيا الدعم السريع: “أوقفونا وفتشونا، واتهمونا بالتحالف مع الجيش، وقالوا إن أزواجنا جنود.” لم يكن التفتيش مجرد إجراء أمني، بل كان أيضًا فرصة للنهب، كما أوضحت مقبولة: “أخذوا هواتفنا وكل أموالنا. تركونا بلا شيء. حتى البطانيات أخذوها منا.” لم يكن أمام العائلات أي خيار سوى الاستمرار في الرحلة، رغم فقدانهم لكل ما كانوا يحملونه.
بالنسبة لمقبولة، لم تكن هذه المرة الأولى التي تُجبر فيها على الفرار. فقد أجبرتها المليشيا على النزوح عدة مرات من قبل. في بلدة شُقرة، حيث قُتل عدد من أقاربها على أيدي المسلحين، لم يكتفِ مقاتلو الدعم السريع بالمجازر، بل أرسلوا تحذيرًا واضحًا للناجين: “حتى لو ذهبتم إلى زمزم أو الفاشر، سنلاحقكم.” المجازر التي ارتُكبت في زمزم ليست حوادث فردية، بل تأتي ضمن سلسلة من الجرائم الممنهجة التي دفعت الإداريين المدنيين في زمزم إلى إصدار بيان شديد اللهجة، قالوا فيه: “ما يحدث الآن في دارفور ليس مجرد صراع، بل هو إبادة جماعية موثقة تتطلب تحركًا دوليًا فوريًا.”
مع تزايد الفظائع، دعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى تحرك عاجل، محذرةً من أن العنف المستمر يهدد بمزيد من المجازر بحق المدنيين. الناجون الذين وصلوا إلى طويلة بالكاد يحملون ما يستر أجسادهم، حيث قالت سارة، التي تمكنت من النجاة مع عائلتها: “هربنا بملابسنا فقط. ليس لدينا أي شيء، ولا حتى بطانية نغطي أنفسنا بها أثناء النوم.”