إنتهاكاتالتقاريرالسودان

هيومن رايتس ووتش: تجدد القتل العرقي الجماعي والنهب في دارفور ( تقرير )

    اصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تقريرا مطولا حول عمليات القتل العرقي الجامعي والنهب في دارفور التي ترتكبه قوات الدعم السريع .

    قالت المنطمة في تقريرها إن “قوات الدعم السريع” والميليشيات المتحالفة معها قتلت مئات المدنيين في غرب دارفور أوائل نوفمبر 2023.

    كما ارتكبت القوات النهب والاعتداءات والاحتجاز غير القانوني بحق العشرات من المساليت في أرداماتا، إحدى ضواحي الجنينة في غرب دارفور.

    نظرا لإنهاء “بعثة الأمم المتحدة في السودان”، واستبدالها بمبعوث خاص، على مجلس الأمن الدولي أن ينظر بشكل عاجل في سبل تعزيز تواجد الأمم المتحدة في السودان لردع ارتكاب المزيد من الفظائع وحماية المدنيين في دارفور بشكل أفضل. ينبغي للمجلس دعم رصد الانتهاكات الحقوقية هناك وتوسيع الحظر القائم على الأسلحة ليشمل السودان بأكمله وجميع أطراف النزاع المسلح الحالي. ينبغي للأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن، والإمارات العربية المتحدة، والحكومات الأخرى في المجلس دعم هذه التدابير وغيرها لضمان قدرة أقوى هيئة في الأمم المتحدة على الوفاء بمسؤوليتها عن حماية المدنيين في غرب دارفور وباقي أنحاء السودان.

    قال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: “أحدث أعمال القتل العرقي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في غرب دارفور تحمل سمات حملة منظمة من الفظائع ضد المدنيين من قبيلة المساليت. على مجلس الأمن الدولي إنهاء تجاهله للحاجة الماسة لحماية المدنيين في دارفور”.

    بحسب “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، قُتل نحو 800 شخص خلال الهجمات أوائل نوفمبر/تشرين الثاني في أرداماتا. أجرى مراقبون حقوقيون محليون مقابلات مع الناجين الذين وصلوا إلى تشاد، وقدّروا عدد القتلى، ومعظمهم من المدنيين، بين 1,300 و2,000 شخص، بينهم عشرات قتلوا على الطريق إلى تشاد. فرّ 8 آلاف شخص إلى تشاد، لينضموا إلى حوالي 450 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، نزحوا بسبب الهجمات في غرب دارفور، خاصة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران.

    أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 20 شخصا من المساليت فروا من أرداماتا إلى شرق تشاد بين 1 و10 نوفمبر/تشرين الثاني، بينهم ثلاثة جنود من القوات المسلحة السودانية، ووصفوا موجة من عمليات القتل، والقصف، والاحتجاز غير القانوني، والعنف الجنسي، وسوء المعاملة، والنهب. استُخدمت أسماء مستعارة لجميع الأشخاص الذين قوبلوا لحمايتهم. كما حللت هيومن رايتس ووتش ثمانية فيديوهات وصور منشورة في وسائل التواصل الاجتماعي تظهر قوات الدعم السريع وهي تحتجز أكثر من 200 رجل وصبي في أرداماتا. يُظهر أحد الفيديوهات المقاتلين وهم يضربون مجموعة من الرجال.

    وجّهت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى قوات الدعم السريع، شاركت فيها النتائج والأسئلة، لكنها لم تتلق أي رد قبل تاريخ نشر التقرير.

    تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني تأثير القصف على البنية التحتية المدنية والعسكرية، وأعمال النهب والحرق المتعمد في مخيم أرداماتا للنازحين وما حوله. تظهر صور الأقمار الصناعية أيضا ما يحتمل أن يكون مقابر وجثثا في الشارع.

    بدأ النزاع في 15 أبريل/نيسان في السودان بين القوتين العسكريتين في البلاد، “القوات المسلحة السودانية” وقوات الدعم السريع. بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، قادت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها موجات من الهجمات على أحياء الجنينة ذات الأغلبية من المساليت، وعلى بلدات وقرى أخرى في المنطقة مستهدفة المدنيين على نطاق واسع.

    تشير أبحاث هيومن رايتس ووتش الجارية وتقارير إعلامية إلى أنهم قتلوا آلاف المدنيين، وأحرقوا أحياء ومواقع بأكملها لجأ إليها النازحون في الجنينة، ونفذوا نهبا واسعا، واغتصبوا النساء والفتيات. أدت هذه الهجمات إلى نزوح مئات آلاف المدنيين قسرا، ولجأ آلاف منهم إلى أرداماتا. توجد في أرداماتا قاعدة للقوات المسلحة السودانية ومخيما للنازحين.

    قال ناجون ومراقبون محليون إن القتال اندلع مرة أخرى في 1 نوفمبر/تشرين الثاني بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. خلال يومين من القتال العنيف الذي أعقب ذلك، قصف الطرفان المنطقة، ما أثر على المدنيين في بعض الحالات. قال السكان إن بعض مقاتلي المساليت انضموا إلى القتال إلى جانب القوات المسلحة السودانية. منذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع والميليشيات على قاعدة القوات المسلحة السودانية، هاجمت مخيم النازحين وغيره من المناطق السكنية، التي يسكن معظمها المساليت ومجموعات أخرى غير عربية.

    قال الناجون إن قوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها أطلقت النار على المدنيين أثناء فرارهم، وأعدمت الناس في منازلهم، وملاجئهم، والشوارع. قال الناجون إن المهاجمين أهانوا المساليت، وقالوا في بعض الحالات إنهم يريدون “قتل المساليت”. قتل المهاجمون بشكل رئيسي رجالا من المساليت، لكنّ شخصين أجريت معهما مقابلات قالا إن أشخاصا من مجموعات غير عربية، لا سيما إثنيّتَيْ تاما وإيرينغا، قُتلوا وأصيبوا أيضا.

    قال مزارع من المساليت عمره 45 عاما إنه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، دخل رجال الميليشيات العربية برفقة مركبات قوات الدعم السريع، المنزل الذي كان يحتمي فيه في مخيم أرداماتا. أحضر المهاجمون سبعة رجال أمام المنزل.

    قال الرجل: “أمروني [المهاجمون] بالخروج من المنزل. ما إن خرجت، أطلق واحد أو اثنان من العرب النار على الرجال السبعة من مسافة قريبة، أعدموهم فورا. كلهم كانوا يرقدون هناك على الأرض. قال لي أحد [المهاجمين]: ̕هل ترى كم قتلنا؟̔ أمروني بعد ذلك أن أغادر البلدة”.

    كما حدث في موجات العنف في الجنينة قبل خمسة أشهر فقط، استهدفت قوات الدعم السريع وحلفاؤها أشخاصا بارزين من المساليت. من بينهم محمد أرباب (85 عاما)، وهو زعيم قبلي من بلدة مستري، الذي قُتل بحسب تقارير مع ابنه وأحفاده السبعة في 4 نوفمبر/تشرين الثاني.

    تُظهر الفيديوهات والصور المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، والتي تحققت منها هيومن رايتس ووتش وحللتها، قوات الدعم السريع والميليشيات العربية وهي تحتجز أكثر من 200 رجل وصبي في ثلاثة مواقع في أرداماتا.

    تُظهر سلسلة من خمس فيديوهات رفعت على تيليغرام وفيسبوك بين 4 و5 نوفمبر/تشرين الثاني أيضا مجموعة من 125 رجلا وصبيا على الأقل يُجبرون على الفرار نحو مطار الجنينة، إلى الشرق من أرداماتا. يمكن رؤية العديد من الرجال المصابين، وبعضهم يعرج، بينما يظهر شخص يحمله أربعة رجال. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد ما حدث لأي من أفراد هذه المجموعات.

    نهب المهاجمون المنازل وسرقوا مقتنيات الناس أثناء فرارهم، وضربوهم وأساؤوا معاملتهم بطرق أخرى. تظهر آثار النهب والحرق في صور الأقمار الصناعية الملتقطة لمخيم أرداماتا بين 5 و7 نوفمبر/تشرين الثاني، ويمكن رؤية النيران حول مقبرة المخيم.

    تُظهر فيديوهات مؤرخة في 4 نوفمبر/تشرين الثاني من حساب “إكس” الرسمي (“تويتر” سابقا) لقوات الدعم السريع، حددت هيومن رايتس ووتش موقعها الجغرافي، عبد الرحيم حمدان دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع وشقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، في أرداماتا يحتفل مع قواته بالسيطرة على قاعدة القوات المسلحة السودانية برفقة قائد قوات الدعم السريع بغرب دارفور الفريق أول عبد الرحمن جمعة. بعد الاستيلاء على القاعدة، أعلن عبد الرحيم تعيين جمعة قائدا للفرقة العسكرية 15.

    بموجب القانون الدولي، الهجمات المتعمدة على السكان المدنيين، بما فيها القتل خارج نطاق القضاء، وإساءة معاملة المدنيين وجميع الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمعتقلين والجرحى، والتهجير القسري، تنتهك قوانين الحرب، ويمكن مقاضاتها على أنها جرائم حرب. أعمال القتل، والاغتصاب، والتعذيب، والترحيل، والاضطهاد، وغيرها من الجرائم المرتكبة كجزء من هجوم واسع أو منهجي ضد السكان المدنيين بناء على سياسة حكومية أو تنظيمية تشكل جرائم ضد الإنسانية.

    في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، طلب السودان من الأمم المتحدة إنهاء ولاية البعثة السياسية في البلاد. في اليوم التالي، عين الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثا شخصيا للسودان، ما من شأنه أن يقلص كثيرا تدقيق الأمم المتحدة في الوضع. ينبغي لمجلس الأمن الدولي وغيره من أصحاب المصلحة الرئيسيين النظر في جميع الخيارات لمنع وقوع مزيد من الفظائع وحماية السكان المدنيين. قالت هيومن رايتس ووتش إنه كخطوة أولى، على أعضاء مجلس الأمن تنظيم زيارة إلى شرق تشاد لمقابلة الناجين من الفظائع الحالية في دارفور.

    بالإضافة إلى ذلك، على أعضاء مجلس الأمن والحكومات المعنية الأخرى فرض عقوبات على أي شخص ينتهك حظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن على دارفور منذ العام 2004. قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن توسيع الحظر ليشمل البلاد بأكملها، وإن عليه أيضا دعم التحقيق الجاري في “المحكمة الجنائية الدولية” في الجرائم المرتكبة في دارفور، و”بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان”، بما يشمل التواصل مع هذه الهيئات لمعرفة المساعدة التي يمكنها تقديمها.

    على المملكة المتحدة، و”الاتحاد الأوروبي”، و”الاتحاد الأفريقي” و”الهيئة الحكومية للتنمية” والحكومات المعنية الأخرى فرض عقوبات محددة الهدف على عبد الرحيم وعبد الرحمن، اللذين يفترض أنهما أكبر قائدين لقوات الدعم السريع كانا موجودين أثناء هجمات أرداماتا. على هذه الأطراف، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، أيضا معاقبة قائد قوات الدعم السريع حميدتي على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات الخاضعة لقيادته.

    قال عثمان: “تجاهلت الأطراف الإقليمية والدولية التحذيرات التي يطلقها الناجون منذ أشهر بشأن مخاطر وقوع مزيد من الفظائع في غرب دارفور. على مجلس الأمن اتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة الوضع الخطر، وفرض عقوبات على القادة الرئيسيين، والسعي إلى إطلاق سراح المحتجزين بشكل غير قانوني، ودعم جهود المساءلة في المنطقة”.

    استُخدمت أسماء مستعارة للأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات لحمايتهم.

    أجبرت الهجمات المتكررة التي شنتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ضد المدنيين في جميع أنحاء غرب دارفور منذ بدء النزاع في السودان في أبريل/نيسان 2023 آلاف النازحين على الالتجاء في أرداماتا، وهي ضاحية شمالية شرقية للجنينة توجد فيها الفرقة 15 مشاة التابعة للجيش السوداني ومخيم للنازحين. وصل العديد منهم هناك بعد عمليات القتل الجماعي للمدنيين في الجنينة في 15 يونيو/حزيران.

    كان بعض هؤلاء النازحين من مقاتلي المساليت، بمن فيهم عناصر في “قوات التحالف السوداني”، وهي مجموعة موقعة على “اتفاق جوبا للسلام” تتكون من أفراد من قبيلة المساليت. أشار عديد من الأشخاص من الجنينة الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات في مخيمات شرق تشاد أواخر يوليو/تموز إلى نيتهم العودة للقتال في الجنينة.

    كان العديد من المقيمين في هذه المخيمات ضحايا لموجات متتالية من حملات التطهير الإثني التي شنتها الحكومة السودانية والتي بدأت في أوائل الأعوام 2000. حتى قبل أبريل/نيسان 2023، كانت تشاد أصلا  تضم 450 ألف لاجئ سوداني، فر كثير منهم خلال سنوات من الانتهاكات.

    كما هاجمت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بشكل مشترك بلدة مستري ذات الأغلبية من المساليت في 28 مايو/أيار، فدمرت البلدة وأعدمت 28 رجلا من المساليت على الأقل، وقتلت وجرحت عشرات المدنيين ذلك اليوم.

    كانت غرب دارفور مركزا لهجمات قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بين 2019 و2021، وثّقت خلالها هيومن رايتس ووتش أنماطا مماثلة من الانتهاكات، بما فيها الهجمات المتعمدة على المساليت بشكل رئيسي ولكن أيضا على مجموعات أخرى غير عربية، والتدمير، لا سيما الحرق، لمخيمات النازحين بالمناطق الحضرية بالولاية. بعد هجوم واسع في الجنينة عام 2019، بدأ بعض المساليت بالتعبئة، بما فيه داخل المخيمات.

    وقعت الموجات الأخيرة من الانتهاكات بعد أن شنت قوات الدعم السريع هجمات على قواعد القوات المسلحة السودانية في جميع أنحاء دارفور، شملت السيطرة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول على نيالا، عاصمة جنوب دارفور، وزالنجي، عاصمة وسط دارفور.

    بحسب التقارير، سعت المفاوضات التي جرت قبل 1 نوفمبر/تشرين الثاني وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني – بين بعض شيوخ المساليت من مخيم أرداماتا والتجاني كرشوم، وهو سياسي من المجتمع العربي المحلي أصبح والي غرب دارفور في يونيو/حزيران – إلى التفاوض على استسلام سلمي لقوات الدعم السريع، وضمان تجنب أن تهاجم قوات الدعم السريع المدنيين في المنطقة.

    أصبح كرشوم واليا بعد مقتل الوالي السابق وزعيم قوات التحالف السوداني خميس أبكر في 14 يونيو/حزيران.

    قالت سميرة، وهي امرأة عمرها 24 عاما قابلتها هيومن رايتس ووتش، إن شيوخ المساليت من مخيم أرداماتا جمعوا أفراد المجتمع في 3 نوفمبر/تشرين الثاني وأخبروا الذين يخشون الهجمات ويفكرون في الفرار بالبقاء في أماكنهم، قائلين إن كرشوم قدم ضمانات بأن قوات الدعم السريع لن تؤذي المدنيين. هاجمت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المخيم في اليوم التالي.

    في سبتمبر/أيلول، فرضت الولايات المتحدة عقوبات محددة الهدف، شملت تجميد الأصول وحظر السفر، ضد عبد الرحيم وعبد الرحمن بسبب جرائم ذات دوافع عرقية ارتُكبت في غرب دارفور. في يوليو/تموز، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لمجلس الأمن الدولي إن الجرائم الحالية المرتكبة في دارفور مشمولة في التحقيق الجاري الذي يجريه مكتبه في الوضع في دارفور، والذي بدأ العام 2005 بعد إحالة من مجلس الأمن. أنشأ “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، خلال دورته التي انتهت في أكتوبر/تشرين الأول، إلا أنها لم تُزوَّد بالموظفين بعد.

    القتل خارج القضاء

    في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو اليوم الذي اجتاحت فيه قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها قاعدة القوات المسلحة السودانية، وصلت إلى مخيم أرداماتا للنازحين في مركبات أو على ظهور الخيل أو الدراجات النارية أو سيرا على الأقدام، وأطلقت النار على الناس في منازلهم وفي الشوارع. قتل المهاجمون بشكل رئيسي رجالا من المساليت، لكن شخصين قابلتهما هيومن رايتس ووتش قالا إن أفرادا من مجتمعات غير عربية أخرى، وخاصة إثنيتي تاما وإيرينغا، قُتلوا وأصيبوا أيضا.

    فرّ أشرف (31 عاما) من منزله في المخيم إلى منزل آخر مجاور مع 13 رجلا آخرين. تبعتهم قوات الدعم السريع هناك. تمكن أشرف من الاختباء وشاهد ما حدث بعد ذلك: “أعدمت قوات الدعم السريع فورا الأشخاص الـ 13 جميعا. جميعهم رجال، غير مسلحين. رأيت ذلك بعيني. أطلقوا النار عليهم حالا. اتهمهم أحد الرجال المسلحين بأنهم ’مقاتلون‘. قفزتُ من فوق الجدار وركضتُ إلى المدرسة بحثا عن ملجأ”.

    دخلت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية منزل عبد الله (35 عاما) في مخيم أرداماتا في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وسألت عن أشخاص محددين، بمن فيهم محمد أرباب، أحد شيوخ مستري وزعماء المساليت: “قالوا إنهم يبحثون عن شيوخ وقادة الإدارة الأهلية. سألني إن كنت أعرف مكان محمد أرباب. قلت لا أعرف”.

    قال شخص آخر تم مقابلته إنه اختبأ في المنزل مع أرباب وابنه وثمانية أحفاد في منطقة الحلة الجديدة بالمخيم وشهد مقتلهم في وقت لاحق من ذلك اليوم: “رأيت قوات الدعم السريع والعرب يدخلون المنزل، وأطلقوا النار مباشرة عليهم جميعا. هربتُ إلى منزل الجيران واختبأتُ في مطبخهم وغادرت المنطقة [لاحقا]”.

    قال عبد الله إن أربعة من أقاربه قُتلوا ذلك اليوم، وجميعهم رجال بارزون ومن زعماء المساليت.

    قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إنه في حالتين، جمع المهاجمون الرجال بالقوة في مجموعات وأعدموهم ميدانيا. وصفت سميرة ما رأته في ساحة الترسانة قرب مخيم أرداماتا في 4 نوفمبر/تشرين الثاني: “رأيت قوات الدعم السريع ومسلحين عربا يرتدون الكومبليه [الزي المحلي التشادي] يطوقون الناس ويطلقون النار عليهم. رأيت الجثث فيما بعد. [كان هناك] 15 رجلا”.

    أفادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنه في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، أعدِم 66 رجلا من المساليت بإجراءات موجزة في ثلاثة حوادث منفصلة. كما نشرت وسائل الإعلام مقابلات مع ناجين تحدثوا عن عدة حوادث إعدام جماعي للرجال في البلدة، شملت إيقاف الرجال الذين كانوا يحاولون الفرار، وفصلهم عن النساء، وقتلهم.

    قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إن الجثث كانت متناثرة في الشوارع. قال مصطفى إنه رأى جثثا “في كل خطوة أو طريق تمر به… [بعضها] مغطاة بالبطانيات”، أثناء فراره من المخيم. أضاف أنه يبدو أن معظم الضحايا مصابون بطلقات نارية. قال شاهدان إنهما رأيا جثتي طفلين يبدو أنهما ذُبحا. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد إذا كانت الروايتين تشيران إلى جثث الأطفال نفسها.

    تحققت هيومن رايتس ووتش من صورة تُظهر 14 جثة على الأقل لأشخاص يرتدون ملابس مدنية في أرداماتا قرب برج الاتصالات الرئيسي. يظهر شعار المفوضية على حصيرة بجانب إحدى الجثث. تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني أشكالا داكنة تتفق مع مظهر جثث في الموقع نفسه.

    قال ناجيان إنهما شاركا في مراسم دفن في مخيم أرداماتا. في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، ساعد علي (44 عاما) في دفن 42 شخصا. وقال: “دفنّاهم وسط المخيم قرب السوق الصغيرة. كانت هناك قبور منفصلة، أحدها فيه خمسة، والآخر فيه ستة، هكذا”. قال إن الهجمات استمرت، و”ظهرت القبور في كل مكان، ودفن الناس الجثث في الشوارع”.

    تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني قبورا محتملة جديدة على الجانب الشمالي الشرقي من مقبرة أرداماتا. لم تكن هذه القبور ظاهرة في صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني.

    كما واجه الذين فروا انتهاكات على الطريق إلى تشاد. فرّ جندي من القوات المسلحة السودانية من الهجمات التي وقعت في 3 نوفمبر/تشرين الثاني مع مجموعة مختلطة من المدنيين والعسكريين. في الطريق إلى تشاد، قال إنه رأى أكواما من الجثث، وإن ميليشيا عربية أوقفت مجموعته في أديكونغ، وهي مركز سكاني عربي على الحدود مع تشاد

    القصف والأسلحة المتفجرة

    أفاد شهود بوقوع قصف بين 1 و4 نوفمبر/تشرين الثاني على مخيم أرداماتا، وكذلك المناطق السكنية القريبة ومدرستين، إحداهما مخصصة لعائلات الجنود. تمتلك القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أسلحة متفجرة مثل قذائف الهاون والمدفعية، ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الجانب المسؤول عن القصف بشكل قاطع.

    أطراف النزاع ملزمة بموجب القانون الإنساني الدولي باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية، مثل المنازل والمدارس والمرافق الطبية، سواء كانت تعالج مقاتلين جرحى أم لا. يُسمح للهجمات باستهداف المقاتلين والأهداف العسكرية فقط. تُحظر الهجمات التي تستهدف المدنيين أو التي لا تميز بين المقاتلين والمدنيين، أو التي تسبب ضررا غير متناسب للسكان المدنيين مقارنة بالمكاسب العسكرية المتوقعة.

    قدم الشهود إفادات عن قصف المنازل والمدارس التي لجأ إليها الناس، وما نتج عن ذلك من خسائر في الأرواح وإصابات وأضرار في الممتلكات. في 1 نوفمبر/تشرين الثاني، اليوم الذي بدأ فيه القتال، فرّ فريد (38 عاما) من منزله مع كثيرين آخرين، ولجأ إلى مدرسة ثانوية للبنين مجاورة لقاعدة القوات المسلحة السودانية. بعد فترة قصيرة، قُصفت المدرسة:

    سقطت ثلاث [وحدات ذخيرة]، واحدة في الساحة المجاورة للمدرسة حيث تجمع كثير من الناس، واثنتان داخل المدرسة. أصابت إحداها قاعة دراسية على الجانب الغربي، فقتلت تسعة أشخاص على الأقل، بينهم امرأتان، وأصابت اثنين. أنا أصبِت بشظية في ذراعي.

    تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني أثر ارتطام على سطح مبنى في الجانب الغربي من مدرسة البنين الثانوية.

    قال ثلاثة ناجين إنهم رأوا مئات الجرحى داخل المستشفى العسكري الذي تديره القوات المسلحة السودانية ومستشفى الجنينة التعليمي في أوقات مختلفة بين 1 و10 نوفمبر/تشرين الثاني، بمن فيهم رجال فقدوا أرجلهم، وعديدا من المصابين الآخرين الذين يُرجح أنهم أصيبوا بالقصف. قال رجل عمره 23 عاما إن قوات الدعم السريع اعتقلته في الشارع في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وأخذته إلى المستشفى العسكري الذي كان سبق أن وقع تحت سيطرتها حينها. رأى “كثيرا من الجرحى هناك وكذلك جثث. [كانوا] جنودا، ولكن أيضا أطفالا ونساء”.

    أحمد (49 عاما)، وهو من سكان مخيم أرداماتا، شهد أيضا القصف الذي بدأ في 1 نوفمبر/تشرين الثاني: “استمر القصف العنيف ثلاثة أيام [في المخيم]. أحصيت 20 انفجارا على الأقل يوميا. أصيب زميل [كان] معي. [أخذته] إلى المستشفى العسكري، ووقع ما مجموعه عشرة انفجارات قرب المستشفى”.

    قال أحد الجنود إن قوات الدعم السريع بدأت في 2 نوفمبر/تشرين الثاني بقصف مواقع القوات المسلحة السودانية وأصابت مدرسة ثانية داخل المجمع العسكري في الجانب الشرقي من القاعدة. قال إنه بعد ذلك ذهب إلى المدرسة، وأضاف: “كانت الجثث في كل مكان؛ [أحصيت] 50 شخصا، ولكن ليس جميعهم  مدنيون، بعضهم كانوا جنودا”.

    حللت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية الملتقطة في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني لقاعدة أرداماتا العسكرية. بحلول 2 نوفمبر/تشرين الثاني، تظهر حفر كثيرة على الأرض وأضرار في المباني بسبب القصف في الجزء الشرقي من القاعدة. تظهر آثار الحروق أيضا في مناطق عديدة داخل القاعدة وخارجها.

    بحلول 5 نوفمبر/تشرين الثاني، تظهر أضرار إضافية في الهياكل ناجمة عن الحرائق داخل القاعدة وفي المناطق المحيطة بها.

    قال شهود، بينهم جنديان، إن طائرات مسيّرة استُخدمت في الهجمات. رآها الجنود في السماء وقالوا إنها أسقطت ثلاث وحدات ذخيرة دفعة واحدة. قال شاهد آخر إنه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني رأى طائرة مسيّرة تحلق فوق المنطقة، وسمع صوت هسهسة، ورأى ذخائر متفجرة تسقط على منزل قريب داخل المخيم. سمع فيما بعد أن امرأتين قُتلتا.

    لم تستخدم الأطراف المتحاربة في السودان الطائرات المسيّرة قبل العام 2023، ولا يبدو أنها تمكنت من الحصول عليها إلا مؤخرا رغم حظر الأسلحة المفروض على دارفور. حددت هيومن رايتس ووتش موقعا جغرافيا لفيديو، نشره حساب مؤيد لقوات الدعم السريع، يُظهر مسيّرة تصور هجوما على مدرعة أثناء مهاجمة الفرقة 15 مشاة.

    وفقا لتحقيق من “رويترز” بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني، روى جنود من القوات المسلحة السودانية أنهم رأوا مسيّرات وهي تُستخدم للمراقبة وإسقاط ذخائر متفجرة داخل القاعدة.

    الاحتجاز والتعذيب وسوء المعاملة

    اعتقلت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية واحتجزت عددا كبيرا من الرجال والفتيان، معظمهم من المساليت، بشكل فردي أو في مجموعات كبيرة من أجزاء مختلفة من أرداماتا.

    قالت خديجة (38 عاما) إن مقاتلي قوات الدعم السريع تبعوها هي وأسرتها، مع أشخاص آخرين، إلى سطح مسكن ضباط القوات المسلحة السودانية، قرب قاعدة القوات المسلحة السودانية: “تبعتنا قوات الدعم السريع وأطلقت النار علينا هناك، وقتلت عددا من الشباب. لم أعدّهم. أخذوا ابني، عمره 27 عاما، وأخي البالغ. أخذوهما بالقوة مع رجال آخرين أيضا. لم يكن ابني ولا أخي [عناصر] في القوات المسلحة السودانية”.

    تُظهر فيديوهات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تحققت منها هيومن رايتس ووتش وحللتها أيضا قوات الدعم السريع والميليشيات العربية وهي تحتجز مجموعات كبيرة من الرجال والأطفال، معظمهم بملابس مدنية، مع أن العديد منهم يبدو أنهم يرتدون زي القوات المسلحة السودانية. في بعض الفيديوهات، تأمرهم قوات الدعم السريع والميليشيات العربية بالجلوس أو الركض.

    يُظهر أحد الفيديوهات المنشورة على إكس في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، تحققت منه هيومن رايتس ووتش وحددت موقعه الجغرافي، مجموعة من الرجال وربما الأطفال يجلسون على جسر أرداماتا، محاطين بمسلحين من قوات الدعم السريع وغيرهم من المسلحين بملابس مدنية. تناقش قوات الدعم السريع والرجال المسلحون مصير المعتقلين: قال أحدهم، “أعدموهم جميعا”. يمكن سماع أحد المقاتلين وهو يدعو إلى “ترك [المعتقلين] وشأنهم”. قال آخر: “دعونا ننتقم منهم واحدا تلو الآخر”. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من تاريخ إجراء هذه المناقشة أو ما حدث للمحتجزين، ولم تجد نسخة من هذا الفيديو منشورة على الإنترنت قبل 6 نوفمبر/تشرين الثاني.

    قال كمال (44 عاما)، الذي كان يعيش في مخيم أرداماتا، إنه رأى في 3 و4 نوفمبر/تشرين الثاني قوات الدعم السريع والميليشيات العربية “تجمع مئات الرجال وتأخذهم في اتجاهات مختلفة”. قال أيضا إن أقارب بعض المعتقلين خلال هذين اليومين أخبروه أنه لم يكن قد أُطلق سراح أقاربهم حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني.

    قال محمود (31 عاما)، من مخيم أرداماتا، إن قوات الدعم السريع ورجالا عربا جاؤوا إلى منزله في 4 نوفمبر/تشرين الثاني أثناء تفتيش المنازل. أضاف أنه نُقل مع عشرات المعتقلين الآخرين إلى مقر القوات السودانية-التشادية المشتركة في حي الجمارك بالجنينة، الذي يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع منذ بدء النزاع في أواخر أبريل/نيسان:

    عندما وصلنا، كان هناك معتقلون آخرون. كنا حوالي 400 شخص إجمالا، بمن فيهم الأطفال. عوملنا بشكل سيئ جدا. احتُجزت هناك ليوم وظل جنود قوات الدعم السريع يعذبوننا طوال الوقت، ويضربوننا بالسياط والعصي. وظلوا يسألونني: “هل أنت من المساليت؟”، “هل أنت مقاتل؟”، “أين بندقيتك؟”، أطلِق سراحي في اليوم التالي، ولكن ما يزال هناك كثير من الأشخاص هناك.

    روى ثلاثة شهود أنهم رأوا قوات الدعم السريع ورجال الميليشيات العربية يحتجزون الذكور من إثنيات غير عربية. قالت خديجة إن قوات الدعم السريع أخذت ابنها وشقيقها بالقوة، ولم يكن أي منهما مقاتلا، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني.

    وجدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن مئات الرجال اعتُقلوا ونُقلوا إلى معسكرات اعتقال مختلفة تديرها قوات الدعم السريع.

    عندما حاول الناس الفرار، اعتقلهم عناصر الميليشيات، ونهبوا أموالهم وممتلكاتهم الشخصية، وأساؤوا معاملتهم. قال رجل عمره 45 عاما إنه رأى رجال ميليشيات عربية يغلقون جسر النسيم الذي يربط أرداماتا ببقية الجنينة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، ويضايقون الأشخاص الفارين من المنطقة: “رأيت رجلا وامرأة مع طفل. أخذوا الطفل من الرجل، وسلموه لوالدته، ثم أخذ رجال الميليشيات الرجل. ثم رأيتهم [رجال الميليشيات العربية] يطلبون من رجل آخر الاقتراب وأطلقوا النار عليه من مسافة قريبة، فأصابوه قبل أن يعتقلوه أيضا”.

    تظهر صور من الأقمار الصناعية ملتقطة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني صفّا من أربع مركبات على الأقل يعيق الحركة على جسر النسيم على الجانب المؤدي إلى الجنينة.

    قال جندي عمره 47 عاما إن قوات الدعم السريع اعتقلته مع اثنين من زملائه وأساءت معاملتهم في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما كانوا يفرون من أرداماتا ضمن قافلة عسكرية، وتعرضوا لكمين خارج أرداماتا قرب سلسلة جبلية. أضاف الجندي: “سلمنا أنفسنا لقوات الدعم السريع التي كانت قرب الجبال.  ضربونا بالسياط وأخذوا أموالنا وأسلحتنا، ولكن بعد ذلك سمحوا لنا بالمغادرة”.

    قالت امرأة عمرها 24 عاما إنها رأت الوالي كرشوم في 10 نوفمبر/تشرين الثاني قرب مخيم أرداماتا للنازحين بحضور قوات الدعم السريع وميليشيات عربية: “ذهبت بعض نسائنا لمقابلته، وتوسلن إليه أن يطلب من قوات الدعم السريع إطلاق سراح رجالهن المعتقلين. قال [للنساء] إنه إذا لم يكن [الرجال] مقاتلين، فسيطلق سراحهم”. وعرض عليهم بعد ذلك الطعام، وأقنع بعض الناس بالبقاء في المنطقة، لكن النساء قررن المغادرة.

    العنف الجنسي

    أفادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في 17 نوفمبر/تشرين الثاني أن النساء والفتيات تعرضن للعنف الجنسي في المخيم وفي منازلهن أثناء أعمال العنف.

    تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى شاهدات وصفن العنف الجنسي أثناء أعمال العنف في أرداماتا. قالت سميرة (30 عاما) إنه أثناء فرارها مع أسرتها في 4 نوفمبر/تشرين الثاني: “رأينا رجلين يغتصبان امرأة شابة، أحدهما يرتدي كومبليه [الزي التشادي التقليدي] والآخر يرتدي زي قوات الدعم السريع. أوقفاها بينما كانا على دراجة نارية واغتصباها هناك في الشارع. لم نتمكن من التوقف وواصلنا رحلتنا”.

    عادت زينب (24 عاما) إلى أرداماتا من تشاد مع شقيقتها في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، لكنها هربت مرة أخرى: “جاءت شابة إلى منزلنا ذلك المساء قائلة إنها تعرضت للاغتصاب من قِبل العرب وقوات الدعم السريع. قررنا فورا المغادرة وعدم قضاء الليل. المكان ليس آمنا لنا نحن النساء”.

    وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا أعمال عنف جنسي واسعة النطاق، حيث تعرف أشخاص على 78 ضحية اغتصاب على يد قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في الجنينة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران. يبدو أن المهاجمين استهدفوا النساء بسبب انتمائهن الإثني إلى المساليت، وفي بعض الحالات لأنهن ناشطات معروفات.

    النهب

    قال شاهدان إن الميليشيات العربية وقوات الدعم السريع بدأت النهب مع بداية الهجمات في 1 نوفمبر/تشرين الثاني واستمرت حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني، واستهدفت أوّلا مناطق قريبة من قاعدة القوات المسلحة السودانية ثم انتقلت إلى مخيم أرداماتا. قالت امرأة عمرها 30 عاما نهب المهاجمون ممتلكات عائلتها ومنازل أخرى في منطقتهم في 4 نوفمبر/تشرين الثاني: “ظل العرب وقوات الدعم السريع يأتون إلى منزلنا. في النهاية نهبوا كل شيء، ولم يتركوا لنا شيئا”.

    أوقفت قوات الدعم السريع والميليشيا العربية خديجة (36 عاما) في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وهددوها بالقتل إذا لم تسلّم المال: “بعد فترة قصيرة، رأيت رجلا مع طفل عمره ثلاث سنوات [يجري] أوقفه أحد أفراد الميليشيا العربية وبدأ بجلد الطفل بينما كان يطلب المال من الرجل”. تُظهر صور الأقمار الصناعية أيضا أعمال النهب والحرق في المخيم من 5 إلى 7 نوفمبر/تشرين الثاني، ونيرانا حول المقبرة.

    وصفت امرأة أخرى عمرها 24 عاما عادت إلى مخيم أرداماتا من شرق تشاد في 10 نوفمبر/تشرين الثاني ما رأته: “جاء العرب وقوات الدعم السريع إلى منزلي حوالي 10 مرات. كانوا [سبق أن] نهبوا المخيم بأكمله. تركوني بلا طعام ولا مال”. شهد مصطفى إعدام سبعة رجال بإجراءات موجزة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، ثم رأى رجال ميليشيا عربا ينهبون المنزل الذي كان يحتمي فيه. لاحقا ذلك اليوم، رأى عربا يجلبون شاحنات كبيرة إلى منطقة قريبة من مركز شرطة أرداماتا: “في المساء رأيت النساء العربيات يهتفن و[الرجال العرب] يأتون بسيارات كبيرة وعربات تجرها الحمير، وشاهدتهم ينهبون كل شيء، الأشياء، الأبواب، إطارات النوافذ، حتى السيارات وعربات الريكشا”.

    Related Posts

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى