تواجه الأزمة في السودان منذ مدة طويلة معركة مستمرة، ولكن في الوقت الحالي، تظهر مبادرة جديدة تعتقد الأطراف المتنازعة أنها قد تقدم حلاً نهائيًا للأزمة، وهو ما يجعل النزاع يقترب من الشهر الثالث من تلك المبادرة.
تم تقديم المبادرة من قبل الدول المجاورة للسودان السبعة خلال القمة التي عُقدت في القاهرة. وتضمن البيان الختامي دعوة لتشكيل هيئة وزارية تجتمع في دولة تشاد لعقد أول اجتماع لها.
وأكد البيان أيضا على ضرورة تحقيق حوار شامل يستجيب لتطلعات الشعب السوداني، وأهمية احترام سيادة وسلامة السودان وعدم التدخل في شؤونه.
طرح السيسي الرئيس المصري رؤية مصرية مكونة من أربعة بنود خلال القمة لحل الأزمة السودانية، ودعا أيضًا لتوحيد رؤى دول جوار السودان فيما يتعلق بالأزمة التي تعيشها السودان.
بالنسبة للنقطة المشتركة التي جمعت بين مواقف قادة الدول المشاركة في القمة، تتجلى في التحذير من الآثار المستمرة للأزمة السودانية على المنطقة والدول المجاورة من الناحية الأمنية والاقتصادية والإنسانية.
تزامنت قمة جولات إقليمية مكثفة لسياسيين وقادة حركات وأحزاب سودانية مع مناشدتهم لوقف الاقتتال بين قوات الدعم السريع والجيش.
وفي تعليقها الأول على قمة القاهرة، أبدى مجلس السيادة السوداني استحسانه لنتائجها وأكد على اهتمامه بالتعاون مع جميع الأطراف المسعى لوقف الحرب في السودان.
وجاءت موقف المجلس، وهو جزء من الجيش، كتعبير متناقض عن موقف الجيش من نتائج اجتماع إيغاد التي رفضتها بسبب ترؤس كينيا لجلساتها.
يؤدي هذا الإحصاء إلى تساؤل حول قدرة قمة جوار السودان على وقف الحرب بناءً على مبادرات وجهود سابقة شبيهة في أدواتها وجوهرها بقمة القاهرة.
وفي هذا السياق، يعتقد المندوب المصري السابق لدى الأمم المتحدة، معتز أحمدين خليل، أن ما يمكن أن يؤدي إلى نجاح قمة القاهرة هو الاتفاق الذي تم التوصل إليه من قبل جميع الأطراف دون وجود أي خلافات أو مشاكل، بالإضافة إلى ترحيب الحكومة السودانية بنتائج القمة واستعدادها للتعامل معها.
في حديثه إلى جريدة “العربي” من القاهرة، توقع خليل أن تتمتع مخرجات القمة بتأييد قوات الدعم السريع وأنها ستظهر استعدادها للتعامل مع نتائجها.
وأشار إلى أن ما يميز قمة القاهرة عن المبادرات السابقة لحل أزمة السودان هو النهج المختلف، مؤكدًا أن نجاحها في النهاية يعتمد على قدرتنا على استخدام آليات جديدة لإنشاء آلية سياسية تساهم في حل الأزمة من جذورها.
شددت على أهمية ضمان خروج آمن لجميع الجماعات المسلحة والبدء في عملية سياسية فعالة لتحقيق حكم مدني مستدام وفعال في السودان.
وأكد ياسين أحمد بعقاي، رئيس المركز الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، أن قمة جوار السودان هي مكملة وداعمة بشكل خاص، حيث تركزت على دول الجوار التي تأثرت بحرب السودان، وبخاصة في الجوانب الإنسانية والأمنية.
في حديثه لـ “العربي” من ستوكهولم، أكد على أهمية أن نستمع إلى آراء الدول المجاورة المتأثرة بما يحدث في السودان.
وأوضح أنه كان لحضور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس جنوب السودان سلفا كير دور بارز جدا في القمة، لأنهما يعتبران عضوين في اللجنة الرباعية لمنظمة إيغاد.
في القمة، أعرب بعقاي عن إشادته بالإجماع على وحدة السودان وأراضيه، وشدد على ضرورة عدم التدخل الخارجي، إذ يرى أن التدخل الخارجي يشير إلى التدخل الدولي وليس الإفريقي، حيث يعتبر أن الاتحاد الإفريقي وإيغاد يمتلكان آليات لحل النزاعات داخل إفريقيا.
أحمد أبو شوك، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر، اعتبر أن القمة كانت ناجحة من الناحية الإجرائية، خاصة بوجود ممثلين عن دول الجوار في أعلى المستويات.
وأشار إلى أن الحكومة السودانية قبلت واستقبلت برضا نتائج قمة القاهرة بعدما رفضت نتائج اجتماع الإيغاد.
أعتبر أبو شوك أن اجتماع القاهرة أحضر فائدتين للحكومة حين صف الصراع بأنه “داخلي”، وبناءً على ذلك، لا يجوز لأي دولة خارجية التدخل فيه. بالإضافة إلى ذلك، أتاح له فرصة لتناول قضية الحوار، وابتعد عن نتائج اجتماع إيغاد التي تتعلق بالتدخل الخارجي وفرض حظر جوي وغيره.
ومع ذلك، أشار أبو شوك إلى أن نتائج قمة القاهرة توجد توازناً بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، كما أن الطرفين يتحملان مسؤولية الأضرار بالتساوي للمدنيين.