نقل موقع Middle East Eye البريطاني، عن مصادر، الخميس، 28 سبتمبر 2023، أن نشطاء سودانيين ممن شاركوا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية وواجهوا القمع العنيف على يد الجيش السوداني في الثورة، صاروا يقاتلون الآن إلى جانب الجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع.
المصادر كشفت أن هؤلاء الشباب السودانيين الذين ينتمون إلى الجماعات الديمقراطية الراديكالية التي أزاحت الرئيس السابق عمر البشير عن منصبه، يقاتلون الآن إلى جانب مقاتلين شباب يرتبطون بالحركة الإسلامية السودانية التي ساندت البشير خلال الثورة.
ويمثل هذا التطور منعطفاً جديداً مهماً في الحرب التي اشتعلت منذ 15 أبريل بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وفقاً للموقع البريطاني.
ويأتي ذلك بعد انضمام أعضاء “لجان المقاومة” -المجموعة الوطنية التي تألفت من جماعات محلية وكانت في طليعة الثورة- ومنظمات شبابية تُتهم بالتشدد في مناصرة الثورة، مثل “غاضبون بلا حدود” و”ملوك الاشتباكات”، إلى معسكرات التدريب العسكرية التي افتتحها البرهان في يونيو ودعا الشباب السوداني إلى الالتحاق بها للانضمام إلى صفوف الجيش في “معركة الكرامة”.
في الوقت نفسه، أعلنت جماعة مسلحة تُدعى “البراء بن مالك” أنها تقاتل إلى جانب الجيش في معركته على قوات الدعم السريع، التي تصفها الجماعة بأنها قوات متمردة وخائنة للبلاد.
انتهاكات قوات الدعم السريع
إلى ذلك، قال محللون إن الانتهاكات واسعة النطاق التي ترتكبها مليشيات الدعم السريع في الخرطوم -وخاصة احتلال المنازل والنهب واغتصاب النساء- هي أبرز الأسباب التي استنفرت هذه المجموعات المتباينة في انتماءاتها للاجتماع على القتال إلى جانب الجيش.
في المقابل، تُنكر قوات الدعم السريع ارتكاب هذه الانتهاكات، وتزعم أن كتيبة “البراء بن مالك” تتألف من فلول نظام البشير. ويقول آخرون إن الحركة الإسلامية في السودان، التي كانت وراء الانقلاب العسكري الذي نصَّب البشير رئيساً عام 1989، تستخدم الجيش لتمهيد طريق عودتها إلى السلطة.
من جهة أخرى، قال 3 من المنتمين إلى مجموعة “غاضبون بلا حدود”، التي شاركت من قبل في اشتباكات عنيفة ضد الشرطة السودانية وقوات الأمن التابعة لنظام البشير، لموقع ميدل إيست آي، إنهم انضموا حديثاً إلى معسكرات تدريب الجيش، وقاتلوا قوات الدعم السريع.
وقال النشطاء، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية، إنهم يقاتلون إلى جانب الجيش دفاعاً عن النفس في مواجهة الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع.
كما أضافوا أنهم يدعمون الضباط والجنود من الرتب الدنيا، لكنهم لا يؤيدون الجنرالات، الذين يرون أنهم شاركوا في قتل المتظاهرين وتقويض الديمقراطية.
“لن أنسى ذلك ما حييت”
فيما قال ناشط أصيب أكثر من مرة في الاحتجاجات منذ عام 2018، إننا “نرى أن هذه الحرب نشأت عن تضارب المصالح بين الجنرالات في الجانبين، إلا أننا شهدنا ولا نزال نشهد إذلالاً واسع النطاق على أيدي جنود الدعم السريع”.
الناشط الذي يعيش في أم درمان، قال إن زملاءه حُبسوا شهوراً داخل منازلهم وليس معهم سوى القليل من الزاد، و”رأيت قوات الدعم السريع تُرغم المواطنين العاديين على تحميل ممتلكاتهم إلى شاحنات الدعم السريع، حتى تأخذ المسروقات وتنقلها بعيداً عن أهلها”، وأنا “لن أنسى ذلك ما حييت”.
كما أوضح الناشط: “لقد بدأنا الانتظام في مجموعات لحماية أنفسنا من انتهاكات الدعم السريع، وفعلنا ذلك دون مساعدة حقيقية من القوات المسلحة السودانية، التي لم تكن منتشرة حتى في أحيائنا.
والخلاصة أن الأمر يتعلق بالدفاع عن أنفسنا وعائلاتنا وممتلكاتنا من هجمات قوات الدعم السريع، وغايتنا الأولى الآن هي طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم”.
تدريب الناشطين
تدرب الناشط في معسكر للجيش مدة قصيرة، وقاتل مع الجيش في الحي الذي يسكنه والذي يحيط بالسوق الشعبي في مدينة أم درمان.
وقال: “لقد حصلنا على أسلحة، ووقفنا مع جنود القوات المسلحة السودانية عند نقاط التفتيش ليلاً، لوقف هجمات قوات الدعم السريع على الحي”. و”الانضمام إلى الجيش أمر في غاية السهولة. فكل ما عليك فعله أن تذهب إلى أقرب معسكر عسكري للتدريب، ولا توجد شروط. ثم تحصل على سلاح، وتنضم إلى وحدة عسكرية، وتبدأ مهامك”.
وقال مصدر آخر بلجنة المقاومة، والذي لا يزال يقاتل مع الجيش في حي الثورة بأم درمان، لموقع ميدل إيست، إنه تدرب شهراً في معسكر كرري العسكري قبل الانضمام إلى نقاط التفتيش التابعة للقوات المسلحة السودانية أثناء الثورة، وقد “رأيت مئات الشباب ينضمون إلى المعسكرات، وآخرون أنهوا تدريباتهم ويقاتلون الآن في صفوف الجيش”.
و”شاركت في بعض المعارك ضد قوات الدعم السريع وأنا فخور بهذا، لأنني أقاتل من أجل كرامة شعبنا، ومن أجل النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب والإذلال الذي تعرضنا له”ميليشيات أجنبية” .
في السياق، أعلنت بعض لجان المقاومة بولاية الخرطوم ونقابات عمالية دعمها العلني للجيش، ووصفوا قوات الدعم السريع بأنها “ميليشيات أجنبية” لأنهم يرون أن هذه الميلشيات تستجلب مقاتلين من السكان العرب في تشاد والنيجر، وقالوا إن الواجب يحتم عليهم قتال هذه الميلشيات.
وقالت لجان مقاومة الخرطوم في بيان حديث لها: “ما زلنا نعارض كبار جنرالات الجيش، وما زلنا نعارض النظام القديم، لكننا نرى أن الجيش من المفترض أنه جيش الشعب السوداني كله، ومن واجب الجيش الوطني حماية الشعب”. ولذلك “فإننا مع مؤسسة القوات المسلحة السودانية، وضباطها وجنودها من الرتب الدنيا في الخطوط الأمامية… أما الجنرالات، فما نزال نرى أن كل ما يريدونه هو البقاء في السلطة”.