التقارير

لاجئو السودان في تشاد… الهروب من الموت إلى المجهول

    منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في شهر إبريل/ نيسان الماضي، تم إجبار أكثر من 4 ملايين مواطن سوداني على الهروب إلى داخل البلاد وإلى البلدان المجاورة. يشمل هؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء البالغ عددهم حوالى 700 ألف شخص الذين هربوا إلى الدول المجاورة، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. من بين هؤلاء اللاجئين يتضمن سكان إقليم دارفور الذين هربوا إلى دولة تشاد المجاورة بحثاً عن الأمان الذي فقدوه في بلادهم.

    لجوء مستمر لسكّان دارفور

    منذ عام 2013، تعرض سكان إقليم دارفور في غرب السودان لعمليات النزوح واللجوء بشكل مستمر نتيجة للحرب التي اندلعت بين نظام الرئيس السابق عمر البشير والحركات المسلحة، والتي أنشأها أبناء الإقليم للمعارضة في وجه الظلم والاضطهاد. والآن، يواجه سكان الإقليم تحديًا جديدًا حيث يجدون أنفسهم مضطرين للفرار داخل البلاد وخارجها بسبب الصراع الذي يحدث بين الجيش والقوات المعروفة بـ “الدعم السريع”.

    في دارفور، هاجر العديدون إلى تشاد الدولة المجاورة، حيث تم استقبالهم بحفاوة في معسكرات في منطقة أدري التشادية. زادت أعدادهم وبدأت عمليات توزيعهم في معسكرات أخرى وسط صعوبات تجاوز المساعدات الإنسانية وهطول الأمطار.

    في أدري، يعاني اللاجئون من نقص الطعام ونقص المنظمات الإنسانية الموجودة.

    تقول المفوضية السامية للاجئين إن عدد النازحين قسراً قد تجاوز حاجز 4 ملايين شخص بسبب الأزمة المستمرة في السودان، وتعبر عن قلقها الكبير إزاء تراجع الوضع الصحي في مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك في مخيمات اللاجئين ونقاط المرور الحدودية ومراكز الاستقبال المؤقتة في الدول المجاورة، حيث يصل إليها الأشخاص الذين يضطرون للهروب.

    ووفقًا للمفوضية، توجد في تشاد فقط 17 عيادة متنقلة تعمل في 15 موقعًا من المواقع الحدودية ومخيمات اللاجئين التي يصل إليها الأشخاص. ولقد وصل أكثر من 2400 جريح بين صفوف اللاجئين والعائدين حتى الآن، مما يتطلب رعاية طبية عاجلة، حيث تم علاج ما يقرب من 130 إصابة يوميًا في شهر يونيو/ حزيران الماضي.

    يعاني الأشخاص اللاجئون السودانيون في تشاد من ظروف سيئة، ويعمل برنامج الغذاء العالمي على تقديم المساعدة للكثير منهم، والأكثرية منهم من النساء والأطفال، حيث يحتاجون إلى الطعام والمأوى ومياه الشرب. وقد ترك الكثيرون ممتلكاتهم والعديد يواجهون مشاكل في الاتصال مع أقاربهم بسبب فقدان هواتفهم وسوء شبكة الاتصالات.

    أدري التشادية تحتضن اللاجئين

    وصرحت تيسير يحيى، اللاجئة السودانية المتواجدة في منطقة أدري التشادية قرب حدود البلدين، لصحيفة “العربي الجديد” بصعوبة ظروف حياتهم كلاجئين في منطقة أدري الحدودية. وأضافت أنه لا توجد منظمات إنسانية كافية لتقديم المساعدات لهم نظرًا لتزايد أعداد اللاجئين الهاربين من النزاع في دارفور. وشددت على أن اللاجئين كانوا يعيشون في مخيم واحد، لكنهم يتم نقلهم الآن إلى مخيمات جديدة.

    وقد زادت يحيى بأن المساعدات الغذائية التي يتلقونها قليلة جدًا، ومنذ وصول اللاجئين إلى أديري قبل حوالي 3 أشهر، تم توزيع مواد غذائية لهم بما يشمل زيت الطهي وقارورة عصير والفاصولياء. وأشارت إلى أن “هذه الأشياء تنفد في غضون أقل من 10 أيام، وهذا هو برنامجنا الغذائي”.

    يتقدر عدد الأشخاص النازحين في أدري بحوالي 185 ألف شخص، وهناك تدفق يومي للنازحين بمعدل ألفي شخص.

    أكدت اللاجئة السودانية أنها تواجه صعوبات في الحصول على سكن بسبب الأمطار الغزيرة، وذلك لعدم توفر مشمعات للحماية. وأوضحت أن هناك منظمات فرنسية تقوم بتوزيع الملابس والأرز للأيتام والمصابين. وأشارت إلى أن التوفر الصحي ليس بالشكل المرغوب فيه، وأشارت إلى وجود منظمات مثل “أطباء بلا حدود” والصليب الأحمر واليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) التي تعمل قدر المستطاع بناءً على المساعدات المتاحة لها.

    خذلان الجيش و”الدعم السريع”

    صرحت اللاجئة إنعام محمد بأنها هربت، مع بقية الناس الذين هربوا من مدينة الجنينة، في اتجاه الحدود التشادية قبل أكثر من شهر. جاء هذا الهروب بسبب تصاعد الاشتباكات في المدينة وهجمات المليشيات المسلحة على المدنيين. قالت إن المسلحين تعقبوا الهاربين قبل أن يتوقفوا نتيجة لوجود الجيش التشادي الذي قدم الحماية لهم.

    قالت إنعام لصحيفة “العربي الجديد” إنه بعدما وصلوا إلى أدري كانوا مرهقين تمامًا ولم يكونوا يمتلكون أي شيء. وأضافت أن الجيش السوداني فشل في تقديم الحماية لهم، ولكن الجيش التشادي استقبلهم بحفاوة وقدم لهم الحماية والطعام. وأشارت إلى أن العديد منهم فقد هواتفهم، ولا توجد شبكة اتصال هناك للتواصل مع أحبائهم. وأكدت أن الوضع في مخيمات اللاجئين صعب للغاية، ويوجد نقص في المساعدات الإنسانية بسبب الأعداد الكثيرة وتواصل الصراعات في ولايات دارفور. وأوضحت أن المتطوعين التشاديين من مدينة أبشي يحاولون تخفيف معاناة اللاجئين من خلال تقديم المساعدات، وسبق للقوات الفرنسية أيضًا أن شاركت في تقديم المساعدة هناك.

    فشل الجيش في تقديم الحماية لنا، ولكن الجيش التشادي استقبلنا وضمن لنا الحماية والتغذية.

    وأوضح الباحث المتخصص في شؤون الإقليم محمد أحمد آدم، سكرتير والي غرب دارفور السابق، في حديثه لـ “العربي الجديد” أن اللاجئين قد هربوا من ويلات ولاية غرب دارفور وعاصمتها مدينة الجنينة إلى منطقة أدري في تشاد، والتي تبعد عن الولاية بمسافة حوالي 28 كيلومتر. وعلاوة على ذلك، أشار إلى أنهم تعرضوا لمعاناة جراء ما وصفه بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي قامت بها قوات الدعم السريع وميليشيات الجنجويد ضدهم. كما أكد أن الأوضاع المروعة التي يعيشها اللاجئون، حيث يتجاوز عددهم حوالي 185 ألف لاجئ وفقًا للسلطات الرسمية، مع تدفق يومي للألاف من اللاجئين.

    وشرح محمد أن هناك أيضًا أماكن أخرى تستضيف اللاجئين بالإضافة إلى منطقة أدري، وهذه الأماكن تستضيف الهاربين من جنوب الجنينة، مثل منطقة قوز بيضة وجنوب أدري، وكذلك الهاربين من وسط دارفور.

    وبناءً على ما أقدمه محمد، يواجه النازحون العديد من المشاكل. فالعديد منهم لم يحصلوا على كميتهم الغذائية المطلوبة رغم مرور شهر أو أكثر، مما أدى إلى ظهور حالات سوء تغذية بشكل خاص بين الأطفال. كما أشار إلى أن المشاكل الرئيسية التي يواجهونها عمومًا تتمثل في الغذاء والدواء ومياه الشرب، بالإضافة إلى نقص الكوادر الطبية بشكل خاص لمصابي أحداث الجنينة.

    Related Posts

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى