تسببت الحرب الدائرة في السودان في انهيار كامل في النظام الصحي وتفاقم أزمة شح في الأدوية على المستويين المستورَد والمحلي خاصة عقب توقف الموردين عن استيرادها وقصف بعض المصانع المحلية، فيما تعرض البعض الآخر لعمليات نهب مستمرة منذ بدء اندلاع الحرب كمصانع الباقير وبحري وسوبا وغيرها من المصانع على يد الدعم السريع .
الدعم السريع يحتل المستشفيات
وأعلن وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم ، أن الخرطوم ودارفور وغربها تأثرت بشكل كبير من الناحية الصحية، حتى توقفت معظم الخدمات الطبية في ولاية غرب دارفور على سبيل المثال، بينما الخرطوم هناك صعوبات في تقديم الخدمات ووصول الإمداد الطبي.
وأكد إبراهيم أن الحرب في بلده أثرت بشكل كبير في جميع مناحي الحياة وبصورة أساسية بالنظام الصحي في ولايات السودان، ولا سيما ما يجري في ولاية دارفور.
وقال وزير الصحة أن ولايات السودان الـ18 تمتلك نظامًا صحيًا من 700 مستشفى و6 آلاف مؤسسة صحية ومراكز إمدادات صحية، مؤكدا على أن هناك بعض المستشفيات اتخذتها قوات الدعم السريع كمقرات عسكرية.
نقص إمدادات الدواء
وألمح وزير الصحة السوداني على أن الوزارة عملت على التأكيد على الإمداد الطبي وخاصة إمداد الطوارئ والمستهلكات الأمراض المزمنة، والإصابات والجراحة العامة سواء من الدول الشقيقة أو من دول المجتمع الدولي.
ولفت إلى أن “هناك إشكاليات تتمثل في توصيل الإمداد الطبي إلى دارفور بسبب المعارك، وكذلك في الخرطوم”.
ونوه إبراهيم، إلى أن “عدد سكان السودان 42 مليون شخص وهم بحاجة إلى مساعدات طبية واستمرارها، لذلك التقديرات المالية للنظام الصحي حتى نهاية العام الجاري تقدر بـ 60 مليون دولار لتغطية الحاجة المطلوبة”.
ومضى يقول: “رغم ذلك يجب التعامل مع المجتمع الدولي لكون الحاجة في السودان راهنًا هي بشكل أكبر”.
إغلاق الصيدليات
لم يتوقف الأمر عند المستشفيات وخروجها من الخدمة، لكنه تفاقم حتى وصل للصيدليات التي تضررت بشكل كبير بسبب توقف مصانع الأدوية بعد تدميرها .
وتسببت الحرب في حالة من السيولة الأمنية التي خلقت العديد من حالات النهب والسلب للصيدليات ومخازن الأدوية وعدم إيجاد ممرات آمنة لإيصال الأدوية، وخرق الهدن المستمر من قبل الطرفين، مما شكل نقصا حادا في الصيدليات في أدوية الضغط والسكري والأمراض المستديمة.
وأكد بعض الصيادلة أنه تم إغلاق عدد من الصيدليات بالعاصمة السودانية الخرطوم منذ اندلاع الحرب، فيما آثر بعض ملاكها نقل نشاطهم في البيع من داخل منازلهم لتلبية احتياجات المواطنين وتفاديا لحالة السيولة الأمنية والسلب والنهب الذي يحدث بالبلاد.
مخاطر شح الأدوية
وأكد عدد من الصيادلة أن الموقف الدوائي سيئ جدا وينذر بخطر كبير على المواطنين إن لم تنته العمليات العسكرية أو تتوقف.
حيث لم يتمكن الكثير من المواطنين من تلقى الخدمات الطبية والدوائية وكثيرا من مصانع الأدوية تم إتلافها وحرقها وخرجت عن الخدمة وباتت عودتها بعد الحرب في غاية الصعوبة فضلا على إغلاق شركات الأدوية وتوقف الاستيراد، ما ينذر بندرة غير مسبوقة في الدواء والمستهلكات الطبية بدأت تباشيرها الآن.
الموت البطئ لمرضى الفشل الكلوي
يعيش أكثر من 11 ألف من مرضى الفشل الكلوي المسجلين في السودان أوضاع صحية معقدة بعد أن تم تقليص عدد جلسات الغسيل في بعض المراكز إلى واحدة فقط بدلا من اثنين.
كما ارتفعت تكلفة الغسلة الواحدة في بعض المراكز الخاصة إلى أكثر من 100 ألف جنيه “نحو 200 دولار” وهو ما يشكل عبئا ماديا كبيرا على أسر المرضى في بلد يعيش فيه أكثر من 60 في المئة من السكان تحت خط الفقر. وتضاعفت خلال الفترة الأخيرة أسعار بعض الأدوية المكونة لجرعات علاج السرطان بأكثر من 10 مرات.
وأجبر النقص الحاد في الأدوية والمحاليل الطبية والمقدر بنحو 90 في المئة العديد من المستشفيات والمراكز في عدد من مدن السودان على تقليص جلسات غسيل الكلى وجرعات الكيماوي بمقدار النصف، مما يعرض حياة الآلاف من المرضى لخطر الموت البطيء.
وأصبحت التحديات صعبة بعد أن توقفت المستشفيات بنسبة 69% في ولاية الخرطوم وهناك 61 مستشفى خرجت عن الخدمة من أصل 88 مستشفى، والعديد من المصابين والمرضى لم يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات بسبب صعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد.