تم قتل 39 شخصاً وإصابة العديد بسبب القصف العشوائي الذي وقع يوم الثلاثاء بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في مدينة نيالا في دارفور، غرب السودان، على الرغم من وجود اتفاق للهدنة بين الطرفين يقدمه الحركات المسلحة. والقتلى والمصابون كانوا نساء وأطفال ومعظمهم من أسر محددة، ووقع الحادث بالقرب من جسر طبي يقع في الناحية الشرقية للقيادة العامة للجيش وغرب مطار نيالا الدولي. قال الصحافي الهادي عبد الله، المتواجد في دارفور لـ “انتهاكات السودان”: “هؤلاء القتلى من المدنيين كانوا يحتمون في جسر في حي طيبة، حيث تتمركز قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب، وتشير المعلومات إلى تورط قوات الدعم في ارتكاب هذه المجزرة، لأن هذه المنطقة تخضع لسيطرتهم منذ بداية الحرب”. وأشار إلى أن الضحايا كانوا يلجؤون إلى الجسر الوحيد في الحي بعد أن هربوا من منازلهم بسبب الاشتباكات المسلحة التي تسببت في قتل وإصابة العديد من المدنيين. وأكد أن قوات الدعم تقدمت خلال الأسابيع الأخيرة نحو قيادة الجيش وتصاعدت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين، مما اضطر المدنيين إلى النزوح إلى مخيم كلما ومدينة بليل جنوب شرق نيالا، وفروا أيضًا إلى مخيمات دريج وعطاش والسلام للنازحين. وأوضح أن هذا الوضع يحدث في وقت تعجز فيه مستشفيات المدينة عن تقديم الخدمات بسبب انقطاع الاتصالات وزيادة أعداد القتلى والجرحى بين السكان المدنيين.
اتهامات الدعم السريع
واتهمت “الدعم السريع” الجيش بارتكاب مجزرة في نيالا بعد القصف العشوائي بالمدفعية الثقيلة. في بيانها، أكدت أن القصف العشوائي أدى إلى قتل عائلات بأكملها وإصابة العديد من الأشخاص، مما دفع سكان الأحياء الشرقية للفرار من منازلهم. تم نقل الجرحى إلى المستشفيات لتلقي العلاج. تمت دعوة المنظمات الحقوقية وحقوق الإنسان للتحقيق في هذه الجريمة الشنيعة. تجددت المعارك في نيالا مع وصول قوة مشتركة للحركات المسلحة لحماية المدنيين وفقًا لاتفاق التهدئة بين الطرفين، والذي أوجب على قوات الدعم العودة إلى معسكراتها وعدم مهاجمة قيادة الفرقة 16. أكد المتحدث باسم القوة المشتركة للحركات المسلحة أن قواتهم وصلوا إلى نيالا لتعزيز الأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم بعد معارك عنيفة أدت إلى تدهور الأوضاع.
وفي تصريحاته لـ “انتهاكات السودان”، قال: “حدثت مجزرة بشعة في حي طيبة قبل وصول القوة المشتركة”. وأضاف: “هناك أشخاص مجرمون وتزايد كبير للجريمة داخل المدينة من مجموعات ليس لديها بعد سياسي أو إطار اجتماعي، إنهم يعملون فقط على ترويع المواطنين ونهب ممتلكاتهم، مما يزيد من تفاقم الوضع، ولذلك قررنا في القوة المشتركة ضرورة التصدي لهذه الظواهر السلبية”. وأضاف: “قدمنا كقوة مشتركة لحركات الكفاح المسلح مبادرة لوقف إطلاق النار من الطرفين المتصارعين ووجدنا استجابة منهم ووافقوا على المبادرة، والآن الأوضاع هادئة في مدينة نيالا”. وبحسبه، فإن ترك الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع تسبب في فراغ أمني كبير في دارفور. وأشار إلى أن المنطقة الجغرافية للإقليم واسعة جداً، وبالتالي يصعب على القوة المشتركة توفير التغطية الكاملة في وقت واحد بسبب قدراتها المحدودة واعتمادها على مصادرها الذاتية. ولكنه أكد أنهم لديهم خطة للانتشار في جميع أنحاء الإقليم، مشيراً إلى أن هدفهم منذ بداية الصراع هو حماية المواطنين وممتلكاتهم، وحماية القوافل والشاحنات التجارية والباصات السفرية والمرافق العامة، بالإضافة إلى حماية وكالات الأمم المتحدة ودور المنظمات الدولية والمحلية.
ارتكازات داخل الأحياء
وكشف مسؤول الحركات المسلحة الدارفورية عن خطتهم في مدينة نيالا، حيث تركزت على إقامة مراكز داخل الأحياء والأسواق والمرافق العامة والعمل على معاقبة الهاربين والمجرمين. وأشار إلى أن شبكات الاتصال قد انقطعت بعد اندلاع الحرب في نيالا بسبب عدم توفر الوقود أو تعطيله، وأشار إلى وصول قوافل تحمل وقودًا ومواد صحية وغذائية من كوستي في ولاية النيل الأبيض إلى نيالا بحماية القوات المشتركة وبالتنسيق مع الطرفين للتخفيف من المعاناة والوضع الكارثي الذي يعيشه المواطنون في المدينة. وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الاشتباكات في نيالا أدت إلى نزوح حوالي 50 ألف شخص، ومقتل 60 شخصًا على الأقل وإصابة 250 آخرين، وتجاوز عدد الجرحى الذين يطلبون المساعدة قدرة المستشفى التركي. ولم تتمكن الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية من الوصول إلى نيالا بسبب القتال. وفي العاصمة، زادت طائرات الجيش القصف على مراكز “الدعم السريع” في مناطق متفرقة في الخرطوم، مع تبادل القصف المدفعي وإطلاق المضادات الأرضية من قبل قوات “الدعم”. شهود عيان أفادوا أن القصف استهدف مراكز “الدعم” في منطقة الحاج يوسف وشارع واحد في حلية شرق النيل وتسبب في تدمير 3 مركبات ومقتل حوالي 12 من “الدعم السريع”. كما استهدفت الطائرات تجمعات في سوبا وأحياء شرق الخرطوم. ارتفعت أعمدة الدخان من المنطقة الصناعية في أمدرمان غرب الخرطوم جراء قصف المدفعية من قبل الجيش لمواقع “الدعم السريع” هناك، ودارت معارك محدودة في أحياء أمبدة. وأفاد رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة أن قوات العمل الخاص وجهاز الأمن قد قاموا بقتل 13 من قوات “الدعم السريع” واعتقال 6 آخرين. ونفى المتحدث باسم الجيش أنباء إقالة قائد سلاح المدرعات، ووصفها بأنها أكاذيب من وسائل إعلام الميليشيا. تم نشر مواد فيديو تظهر قائد المدرعات بين جنوده، وتم تداول مقاطع فيديو أخرى تُظهر وصول قوات عسكرية إلى أمدرمان من الشمال في اتجاه القاعدة العسكرية في كرري.