يعاني الصحفيين السودانيين من مأساة العمل في الحرب ، وأنهم أكثر عرضة للانتهاك من قبل ميليشا الدعم السريع ، فمنهم من قتل أو أصيب أو دعت الحاجة للفرار خارج مناطق الأشتباك وحدود البلاد .
فالصحافة تعتمد على رصد الحقائق ومحاولة نقلها للناس في الداخل والخارج، الأمر الذي قد لا يكون مرحبا به في أوقات النزاع، فيكون المصير مطاردتهم لحجبهم عن نقل الحقيقة على الأرض.
في مرمى النيران
أحد الصحفيين يرصد أجواء العمل داخل السودان فيقول إنه يعاني تحديات جمة؛ إذ لا يستطيع أي صحفي ممارسة عمله بحرية بسبب التضييق الكبير على الصحفيين.
ويوضح أن حتى مجرد الحركة العادية في الشوارع والأحياء باتت مخاطرة لمن يعمل في هذه المهنة، فعندما يمر على أي من الارتكازات الأمنية، أو نقاط التفتيش يتعرض لتحقيق طويل وأسئلة كثيرة، مثل: “لصالح من تعمل؟” و”ما الجهات التي تمولك؟”، فضلا عن التعرض لكثير من المضايقات والاتهامات.
وهناك سلسلة من الاعتداءات على الصحفيين بدأت منذ اليوم الأول للنزاع المسلح، وظل العاملون في هذه المهنة في مرمى نيران طرفي الصراع .
وأن الصحفيين الذين يحاولون العمل في مثل هذه الظروف يصطدمون بالكثير من العقبات التي تجعل أداء الواجب المهني أمرا مستحيلاً؛ حيث إن هناك ضعفاً شديداً في الاتصالات وخدمات الإنترنت، ما يجعل نقل الحقيقة أمراً بالغ الصعوبة.
الصحفيين الضحية الأولى للحرب
طاهر المعتصم، مسؤول العلاقات الخارجية بنقابة الصحفيين السودانيين قال أن أفواه البنادق تتوجه أولا لمن يحاولون نقل الحقيقة، مشيراً إلى أن ذلك بدأ حتى قبل الحرب الفعلية، إذ كانت هناك دعوات للحشد للحرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين يتعرض الصحفيون للانتهاكات.
ويقول المعتصم إنه في كل يوم تأتي أخبار عن حالة انتهاك أو اعتداء جديدة ضد الصحفيين، ما بين اعتقال، أو استجواب، أو إصابة، أو قتل في بعض الأحيان.
ويشير المعتصم إلى أن آخر هذه الحالات كانت مقتل الصحفية سماهر عبد الشافع، إثر سقوط دانة مدفع على منزلها بمدينة زالنجي بوسط دارفور، وكذلك إصابة المصور علي شطة بطلق ناري في فخذه، وتقول نقابة الصحفيين إن الرصاصة “تعود لقوات الدعم السريع”، وفق ما نقل.
كما يؤكد المعتصم أن العديد من الصحفيين تلقى تهديداً بالقتل، وأن هناك الكثيرين يتم احتجازهم قسريا، وأن النقابة تصدر بيانات دورية لرصد مثل هذه الانتهاكات.
وأوضح المعتصم أن نقابة الصحفيين السودانيين، المتعثر عملها حاليا، أصبح شغلها الشاغل هو الوقوف على أوضاع أتباعها ومحاولة مساندتهم، إذ يوجد الكثير منهم رهن الاحتجاز، أو الإقامة الجبرية. كما أن هناك عالقين على الحدود يحاولون النجاة بأنفسهم، بحسب قوله.
وأشار إلى أن النقابة تخاطب جهات دولية، كالهلال الأحمر، والصليب الأحمر، كما تخاطب طرفي الصراع بشكل دوري بشأن أوضاع الصحفيين، وتطالب بالإفراج عن الموقوفين منهم.
فقدان العمل
رصدت نقابة الصحفيين السودانيين قبل الحرب فقدان 250 صحفيا لعملهم، مؤكدا أنها تضاعفت بنسبة كبيرة بعد الحرب .
وأكدت النقابة أن بعض الصحفيين رحلوا خارج السودان، وبلغت نسبة المغادرين العشرات، وتوجد النسبة الأكبر منهم في مصر بعدد 50 إعلاميا وهو رقم قابل للزيادة، بينما توجهت نسبة أقل إلى كل من تشاد، وإثيوبيا، ونيروبي، وجنوب السودان، فضلا عن عن السعودية والإمارات .
وأيضا بسبب خطورة تحركات الصحفيين في الشارع، خاصة عند المرور بمنطقة تفتيش أي من الطرفين، فالإعلامي دائما متهم بالانحياز للطرف الآخر، فدائما الصحفي مهدد أثناء تحركاته.