تنبثق من المعلومات والتقارير التي جمعتها الهيئات القانونية المستقلة وإنتهاكات السودان من شهود العيان انتهاكات من قبل مليشيا الدعم السريع الإرهابية واسعة تستهدف الأجانب المقيمين في البلاد، حيث تشمل هذه الانتهاكات القتل، والاغتصاب والاعتقال والتجاهل، بالإضافة إلى تورط بعض الأجانب في التعاون مع قوات الدعم السريع.
وقالت خنساء هارون، عضو هيئة محامي الطوارئ، بشأن انتهاكات الأجانب في الخرطوم، “إن الانتهاكات مستمرة ضد الأجانب في منطقة الديم القريبة من وسط الخرطوم ولا يتم التصدي لها بطريقة فعالة وذلك وفقاً للشهود الذين لا يزالون في هذه المنطقة التاريخية”.
أكدت أن بعض الناس الأجانب القادمين من دول مجاورة يقومون حالياً بالعمل لصالح قوات الدعم السريع في توجيهها واستضافتهم في المنازل وتجهيز الطعام.
أثمان النجاة
تسع عائلات من إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان دفعوا حوالي 5 ملايين جنيه (6 ألاف دولار) كثمن لقوات الدعم السريع في منطقة “الديم” بالخرطوم للمغادرة من المنطقة والسفر إلى وجهات داخل السودان وخارجه.
تقول السيدة هيوت، من إثيوبيا، في مقابلة أجرتها معها انتهاكات السودان بعد هروبها إلى عطبرة في ولاية نهر النيل في شمال السودان. تقول إنها تعيش في حي الديم منذ 13 عاما وتعمل كبائعة شاي في منطقة العمارات في الخرطوم.
أفادت هيوت أن جيرانها من مختلف الجاليات الأفريقية قرروا مغادرة الخرطوم مجتمعين بعد تصاعد القتال، وهذا ما حدث فعلا في منتصف شهر يونيو الماضي.
وأضافت: “تم الاتصال بأفراد من قوات الدعم السريع الذين كانوا يقيمون نقطة تفتيش في الشارع الرئيس، ووافقنا معهم على دفع مبلغ 5 ملايين جنيه لعبور العائلات بنجاح.”
وتعرض (أ) السوريون الذين يعيشون في السودان في منطقة “الديم” لاعتداء من قبل قوات الدعم السريع، حيث قام عدد من أفرادها بدخول منزله وسرقة ممتلكاته ومحاولة الاعتداء على زوجته.
وقعت الحادثة في بداية شهر يونيو، حسب المعلومات التي حصلت عليها منظمة انتهاكات السودان، الحادثة تعلق بشخص سوري الجنسية، وتم اعتداء عليه من قبل القوة المعنية، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة بكسر في مشط قدمه وإصابة في ظهره.
أكد جيران السوري أن تدخل بعض أبناء الحي حال لم يسمح باعتداء على زوجته وبعدها نقله لمكان آخر وعندما مرت أيام قليلة، غادر تماماً الحي.
جواسيس الحرب
جمعت قوات الدعم السريع عددًا غير معروفًا من الأجانب المقيمين غير شرعيًّا في الخرطوم بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي وكوّنتهم جزءًا من صفوفها.
يفيد الجيش في عدة نشرات عملياتية يومية بأنه تمكن من إحباط وجود عناصر أجنبية (قناصة) دون ذكر هوياتهم أو جنسياتهم.
في منطقة “الديم”، قام العديد من الشباب من أبناء الجاليات الإثيوبية والجنوب السودانية بالانضمام إلى قوة الدعم السريع للعمل في صفوفها، حيث يقومون بممارسة أعمال التجسس والنهب والسرقة في مناطق مختلفة بالخرطوم، وفقًا لشهادات جمعتها مؤسسة انتهاكات السودان من السكان المحليين في الحي.
وتشير متابعات انتهاكات السودان إلى أن سيداتٍ وفتياتٍ أجنبياتٍ من دولتين مجاورتين يعملن مع عناصر الدعم السريع ويقومن بإعداد الطعام لهم وممارسة الدعارة، بينما يتزوجن الأخريات من جنودٍ بالدعم السريع في أحياء الديم والسجانة بالخرطوم.
وكشفت مصادر موثوقة عن وقوع تجاوزات في السودان، حيث يتم إقامة فتيات من دولة مجاورة للسودان مع قائد معروف في الدعم السريع. ويتولى هذا القائد شؤون قطاعات مختلفة مثل أحياء الديم والعمارات والسجانة والقوز والحلة الجديدة في منزل يستخدمه كمقر له.
قامت القوات المسلحة بإعتقال قناصين أجانب من دول أفريقية وفقًا لتأكيد ضابط في جهاز المخابرات العامة خلال حديثه عن انتهاكات السودان. وأضاف أن قوات الدعم السريع تستعين بقناصة أجانب محترفين ومدربين على مستوى عال.
وأشار إلى أن هناك تركيزًا كثيفًا للقناصين حول مطار الخرطوم والقيادة العامة للجيش، وفي مناطق الخرطوم 1 و 2 و 3. وتم التأكيد على اعتقال عدد منهم، بمن فيهم 6 في مناطق القوز والسجانة والديم، كما تركز ثلاثة منهم في زاوية “باشدار”، واثنان في ديم التعايشة وواحد في شارع 61 في حي العمارات بالخرطوم.
ملاذات آمنة
وتوضح الشهادات التي تم جمعها من قل انتهاكات السودان في مناطق مختلفة من الخرطوم، مثل أحياء “الديم والعمارات والسجانة ومايو” وأحيَي”الديوم والدروشاب” في الخرطوم بحري. وتشير هذه الشهادات أيضًا إلى تجنيد أفراد من دول جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا للانضمام إلى الدعم السريع والعمل في تلك المناطق.
وأكدت المصادر استخدام قوات الدعم السريع لفتيات من هذه البلدان في أعمال متعلقة بالعلاج الطبي للجرحى والدعارة وإعداد الوجبات الغذائية وإخفاء المسروقات وتأمين ملاذات وملاجئ آمنة للجنود المصابين في المعارك.
يعمل بعض الأشخاص القادمين من هذه الدول كمرشدين ومتعاونين في الأحياء، حيث يقومون بشرح طبيعة السكن والسكان وتوفير معلومات حول سكان الحي ومواقف السيارات.
ذكرت مصادر في حي الديم بالخرطوم أن عناصر من الدعم السريع هاجموا فتاة قبل أسبوع بسبب ارتدائها ملابس غير لائقة وهي من دولة مجاورة.
تمت سرقة حوالي 144 سيارة في حي الديم بمفرده، وفقًا للشهادات التي تلقتها منظمة انتهاكات السودان من ناشطين في الحي. يشمل ذلك سيارات مملوكة لأجانب وبعض العاملين في منظمات دولية وإقليمية يعملون كسائقين.
عندما نظمت قوات الدعم السريع عددًا من الأشخاص من دولة جنوب السودان للعمل في بيع “السجائر” في شارع 15 في حي العمارات بالخرطوم، أُجبروا على مرافقة الجنود في اقتحام المنازل وسرقتها، ونقل محتوياتها.
تقوم القوات المساندة بتجنيد أشخاص من جنسيات مختلفة في حي الديوم بمنطقة الخرطوم بحري، والتي تعد واحدة من أكثر الأحياء اجتماعًا لعناصر الدعم السريع في المدينة. يوجد عدد كبير من الأجانب المتعاونين معهم في الحي، وفقًا لشهود عيان هناك.
عدد من الأجانب يراقبون الأحياء المجاورة ويتجولون بحرية مع عناصر من الدعم السريع في الأحياء القريبة من حي الديوم، مثل أحياء الختمية والأملاك والدناقلة وحلة حمد وحلة خوجلي والمزاد والصبابي والصافية وشمبات. تلك المعلومات وردت من ضابط يعمل ضمن قوة “العمل الخاص” التابعة للجيش بمعسكر الإشارة، وتشير إلى حدوث انتهاكات في السودان.
ويعمل أيضًا مرشدون سودانيون في تلك الأحياء بالتعاون مع قوات الدعم السريع ويتجمعون يوميًا في حي الديوم بصحبة قوات الدعم والمرشدين الأجانب، خاصةً في فترات المساء، حسب مسؤول في جهاز استخبارات الجيش في معسكر سلاح الإشارة.
أكد عنصر الاستخبارات في حديثه أن الاستخبارات العسكرية تتابع وتراقب جميع الأشخاص الذين يتعاونون مع المليشيا (الدعم السريع) بغض النظر عن جنسيتهم.
في منطقة الدروشاب شمالي الخرطوم بحري، رغم إلقاء العديد من الأجانب القادمين من دولة مجاورة في الحي، ما زال بعضهم الباقي يعملون بوضوح مع عناصر الدعم السريع حسبما أكد أحد سكان السودان انتهاكاتهم.
مركز “الديم”
ويعمل غالبية الأجانب من الجنسية الأثيوبية مع قوات الدعم السريع على امتداد شارع الديم والسوق بالمنطقة، ويتعاون معهم نساء ورجال في تقديم المعلومات والخدمات الأخرى مثل اعداد الأكل وترتيب أماكن الراحة.
وتأكد مصادر قانونية مستقلة من وقوع انتهاكات في السودان، حيث يعمل بائعات في إعداد الشاي والقهوة لأفراد الدعم السريع في سوق الديم. يتعاون هؤلاء البائعات مع هذه القوات لتزويدها بمعلومات متنوعة عن المساكن والمنازل والسيارات.
قالت المصادر أن أشخاصًا من جنسيات إثيوبية وجنوب السودان تم اعتقالهم وتعرضوا للتعذيب بسبب تعاونهم مع بعض أفراد الدعم السريع. وأشارت هذه المصادر إلى أن التعاون الذي كان يمارسه هؤلاء الأجانب يشمل مواقع العمل في الخرطوم وصيانة السيارات وتوفير الوقود وقطع الغيار من خلال التواصل مع تجار سودانيين.
تأكدت المعلومات من وجود تاجر مخدرات قادم من جنوب السودان، كان مسجونًا وتم إخراجه أثناء عملية الإفراج عن السجناء، وهو الآن يعمل مع قوات الدعم السريع في منطقة “الديم”.
أجانب ضحايا
قالت إنتصار عبد الله، صاحبة مبادرة “مفقودات وموجودات” في السودان، بأن أبرز ما يعتبر مفقوداً لدى الأجانب خلال الحرب هي السيارات.
وقالت: “لدينا مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي تهتم بالمبادرة، وهناك أشخاص أجانب ينضمون إليها، ولكن هناك أيضًا محاولات اختراق من أشخاص أجانب تابعين لدولة معينة يحاولون الوصول إلى المجموعة لجمع المعلومات”.
وأضافت: “يوجد تجاهل من الأجانب للمجموعة لأنهم يبحثون عن مفقوداتهم، ولكن نوجههم إلى الإعلان على فيسبوك نظرًا لتحذيرنا من التسللات الأجنبية”.
في الرابع والعشرين من أبريل في السابق، أفادت وزارة الخارجية المصرية بوقوع حادثة قتل لمساعد الملحق الإداري في السفارة المصرية في الخرطوم على يد مليشيا قوات الدعم السريع الإرهابية.
لقد شهدت الأشهر الأخيرة حوادث متعددة للأجانب نتيجة للتوترات بين الجيش والدعم السريع في السودان. توفي مواطن عراقي في أحد تلك الاشتباكات، بينما فُقد بعض الأشخاص الأجانب وفقًا لمصدر في وزارة الخارجية السودانية.
أعلنت الحكومة الكونغولية في السادس من يونيو الماضي، عن مقتل عشرة أشخاص من جمهورية الكونغو الديمقراطية في هجوم استهدف حرم جامعة في الخرطوم.
في يوليو السابق، أفاد مقيمو حي شمبات الأراضي في شمال الخرطوم بحري بأن جنودًا من الدعم السريع قاموا بقتل رجل إثيوبي بعد أن قاوم محاولة اغتصاب زوجته باستخدام القوة، حيث عمدوا إلى اقتحام منزلها في وقت متأخر من الليل.
“فزع” الأجانب
أثناء المقابلات الصحفية التي أجراها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بمناسبة مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك الأسبوع الماضي، طلب من الدول المجاورة وقف إرسال المرتزقة الذين يقدمون الدعم لقوات الدعم السريع.
ومع ذلك ، قال يوسف عزت المستشار السياسي لقوات الدعم السريع في حديثه عن انتهاكات السودان إن خطاب الجيش بشأن استعانتهم بالمرتزقة الأجانب هو “خطاب مهزوم وتأثيراته الاجتماعية غير جيدة خاصةً عند التحدث عن تجنيد أشخاص غرباء من بلد آخر وفقًا لتصريحهم”.
وأكد عزت أن مسؤول التجنيد في الدعم السريع كان اللواء أور ناصر حتى 15 أبريل الماضي، وهو ضابط في الجيش. وسألت: “كيف يمكن أن يحدث تجنيد أجانب بينما كان هناك ضابط في الجيش يشرف على عملية التجنيد… هذا هو تضليل الحرب”.
في شهر مايو الماضي، صرح القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن القوات العسكرية قد قتلت “قنّاصًا أجنبيًا”.
وبنفس السياق، صرح نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق شمس الدين كباشي في مقطع فيديو تم بثه في 10 يونيو الماضي، بأن قواته يواجهون غزوا أجنبيا بسبب وجود أفراد أجانب يقاتلون ضمن صفوف الدعم السريع ويدخلون البلاد بواسطة السيارات والجرارات.
أفاد العقيد ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش السوداني، قبل شهرين، بأن قوات الدعم السريع تقوم بجلب مرتزقة أسبوعياً من بعض الدول المجاورة في الغرب للمشاركة في معاركها.
في بيان صدر في الخامس من مايو الماضي، أفاد الجيش أنه لاحظ تحركاً ملحوظاً لقيادة قوات الدعم السريع بالتعاون مع عناصر ومرتزقة أفراد غير سودانيين من منطقة غرب أفريقيا.